الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحافظ أبو نعيم الأصبهاني ، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران ، أبو نعيم الأصبهاني

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحافظ الكبير ذو التصانيف المفيدة الكثيرة الشهيرة ، من ذلك " حلية الأولياء " في مجلدات كثيرة ، دلت على اتساع روايته ، وكثرة مشايخه ، وقوة اطلاعه على مخارج الأحاديث ، وتشعب طرقها ، وله " معجم الصحابة " وهو عندي بخطه ، وله " صفة الجنة " و " دلائل النبوة " ، وكتاب في الطب ، وغير ذلك من المصنفات المفيدة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي : كان أبو نعيم يخلط المسموع له بالمجاز ، ولا يوضح أحدهما من الآخر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 675 ] وقال عبد العزيز النخشبي : لم يسمع أبو نعيم " مسند الحارث بن أبي أسامة " من أبي بكر بن خلاد بتمامه ، فحدث به كله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي : سمع الكثير ، وصنف الكثير ، وكان يميل إلى مذهب الأشعري ميلا كثيرا . وكانت وفاته في الثامن عشر من المحرم منها ، عن أربع وتسعين سنة - رحمه الله - لأنه ولد فيما ذكره القاضي بن خلكان في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ، قال : وله " تاريخ أصبهان " . وذكر أبو نعيم في ترجمة والده أن مهران أسلم ، وأن ولاءهم لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب . وذكر أن معنى أصبهان - وأصله بالفارسية سباهان - أي مجمع العساكر ، وأن إسكندر بناها ، قاله السمعاني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحسن بن الحسين ، أبو علي الرخجي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وزر لشرف الدولة بن علي بن بهاء الدولة سنتين ثم عزل ، وكان عظيم الجاه في زمان عطلته ، وهو الذي بنى المارستان بواسط ، ورتب فيه الأشربة والأطباء والأدوية وغير ذلك مما يحتاج إليه ، ووقف عليه كفايته ، جزاه الله خيرا ، وكانت وفاته في هذه السنة وقد قارب الثمانين ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحسن بن حفص ، أبو الفتوح العلوي ، أمير مكة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 676 ] الحسين بن محمد بن الحسن بن علي ، أبو عبد الله المؤدب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهو أخو أبي محمد الخلال ، سمع " صحيح البخاري " من إسماعيل بن محمد الكشميهني ، وسمع غيره . توفي في جمادى الأولى ، ودفن بباب حرب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن بشران بن مهران ، أبو القاسم الواعظ

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سمع النجاد ودعلج بن أحمد والآجري وغيرهم ، وكان ثقة صدوقا ، وكان يشهد عند الحكام ، فترك ذلك رغبة عنه ، ومات في ربيع الآخر من هذه السنة ، وقد جاوز التسعين ، وصلي عليه في جامع الرصافة ، وكان الجمع حافلا ، ودفن إلى جانب أبي طالب المكي ، وكان أوصى بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن الحسين بن خلف بن الفراء ، أبو خازم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أخو القاضي أبو يعلى ، الحنبلي ، سمع الدارقطني وابن شاهين . قال الخطيب : كان لا بأس به ، ورأيت له أصولا سماعه فيها ، ثم بلغنا أنه خلط في الحديث بمصر ، واشترى من الوراقين صحفا فروى منها ، وكان يذهب إلى الاعتزال . وكانت وفاته في المحرم من هذه السنة بتنيس من بلاد مصر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 677 ] محمد بن عبيد الله أبو بكر الدينوري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الزاهد ، كان خشن العيش ، وكان ابن القزويني يثني عليه ، وكان جلال الدولة صاحب بغداد يزوره ، وقد سأله مرة أن يطلق للناس مكس الملح ، وكان في السنة ألفي دينار ، فتركه من أجله ، ولما توفي اجتمع أهل البلد لجنازته ، وصلي عليه مرات ، ودفن بباب حرب ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الفضل بن منصور ، أبو الرضا ، ويعرف بابن الظريف

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان شاعرا ظريفا ، ومن شعره الفائق ونظمه الرائق قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا قالة الشعر قد نصحت لكم ولست أدهى إلا من النصح     قد ذهب الدهر بالكرام وفي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذاك أمور طويلة الشرح     وتطلبون النوال من رجل
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قد طبعت نفسه على الشح     وأنتم تمدحون بالحسن وال
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ظرف وجوها في غاية القبح     من أجل ذا تحرمون رزقكم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لأنكم تكذبون في المدح     صونوا القوافي فما أرى أحدا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يغتر فيه الرجاء بالنجح     فإن شككتم فيما أقول لكم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فكذبوني بواحد سمح



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      هبة الله بن علي بن جعفر ، أبو القاسم بن ماكولا وزر لجلال الدولة مرارا ، وكان حافظا للقرآن ، عارفا بالشعر والأخبار ، خنق بهيت في جمادى الآخرة من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 678 ] أبو زيد الدبوسي ، عبد الله بن عمر بن عيسى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الفقيه الحنفي ، أول من وضع علم الخلاف ، وأبرزه إلى الوجود . قاله ابن خلكان قال : وكان يضرب به المثل ، والدبوسي : نسبة إلى قرية من أعمال بخارى . قال : وله كتاب " الأسرار " و " تقويم الأدلة " . وغير ذلك من التصانيف والتعاليق . قال : وروي أنه ناظر الفقهاء ، فبقي بعضهم كلما ألزمه أبو زيد إلزاما تبسم أو ضحك ، فأنشد أبو زيد :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ما لي إذا ألزمته حجة     قابلني بالضحك والقهقهه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إن كان ضحك المرء من فقهه     فالدب في الصحراء ما أفقهه



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحوفي صاحب " إعراب القرآن " ، أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد بن يوسف الحوفي النحوي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      له كتاب في النحو كبير و " إعراب القرآن " في عشر مجلدات ، وله " تفسير القرآن " أيضا ، وكان إماما في العربية والنحو والأدب ، وله تصانيف كثيرة انتفع الناس بها ، قال ابن خلكان : والحوفي : نسبة إلى ناحية بمصر ، يقال لها : الشرقية ، وقصبتها مدينة بلبيس فجميع ريفها يسمون الحوف ، واحدهم حوفي ، وهو من قرية يقال لها : شبرا اللنجة من أعمال الشرقية المذكورة ، رحمه الله تعالى وإيانا بمنه ورحمته ، آمين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية