الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      فيمن شرط أن لا يتزوج عليها فإن فعل فأمرها بيدها قلت : أرأيت لو أن امرأة شرطت على زوجها أن لا يتزوج عليها ، فإن فعل فأمر نفسها في يدها فتزوج عليها فطلقت امرأته نفسها ثلاثا أيكون ذلك لها إن أنكر الزوج الثلاث ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك في هذه المسألة بعينها : إن ذلك لها ولا ينفع الزوج إنكاره

                                                                                                                                                                                      قلت : وسواء كان قد دخل بها أو لم يدخل بها حتى تزوج عليها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : الذي حملنا عن مالك أن ذلك شرط لها دخل بها أو لم يدخل بها ; لأنها حين شرطت إنما شرطت ثلاثا فلا تبالي أدخل بها حين تزوج أو لم يدخل بها ، لها أن تطلق نفسها ثلاثا فإن طلقت نفسها واحدة فإن كانت مدخولا بها كان الزوج أملك بها وإن كانت غير مدخول بها كانت بائنا لواحدة

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن طلقت نفسها واحدة ، أيكون لها أن تطلق نفسها أخرى بعد ذلك ويقول ما ملكتك إلا في واحدة قال : نعم ، قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، قلت : أرأيت إن ملكها أمرها فقالت قد قبلت نفسي قال : قال مالك : هي ألبتة إلا أن يناكرها الزوج قلت : فما فرق ما بين قد قبلت أمري وقد قبلت نفسي قال : لأن قولها قد قبلت أمري إنما قبلت ما جعل لها من الطلاق ، فتسأل عن ذلك كم طلقت نفسها ، وللزوج أن يناكرها في أكثر من تطليقة إن كانت أرادت بقولها قد قبلت أمري الطلاق ، وإذا قالت : قد قبلت نفسي فقد بينت إنما قبلت جميع الطلاق حين قبلت نفسها فهي ثلاث إلا أن يناكرها الزوج ، ولا يحتاج ههنا إلى أن تسأل المرأة كم أردت من الطلاق ; لأنها قد بينت في [ ص: 76 ] قولها قد قبلت نفسي قال مالك : ولو قالت بعد أن تقول قد قبلت نفسي أو اخترت نفسي إنما أردت بذلك واحدة لم يقبل قولها

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إذا ملكها فقالت قد قبلت أمري ، ثم قالت بعد ذلك لم أرد بذلك الطلاق ، أيكون القول قولها ولا يلزم الزوج من الطلاق شيء قال : نعم ، قلت : أرأيت إذا ملكها الزوج فقالت قد قبلت أمري ، ثم قالت بعد ذلك لم أرد بقولي قد قبلت أمري طلاقا فصدقتها في قول مالك ، أيكون لها أن تطلق نفسها وقد قامت من مجلسها الذي ملكها الزوج فيه أمرها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، ذلك لها في قول مالك قلت : وإن بعد شهر أو شهرين ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم قال : وقال مالك : ولا يخرج ذلك من يدها إلا السلطان أو تترك هي ذلك ; لأنها قد كانت قبلت ذلك ، قلت : وكيف يخرجه السلطان من يدها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يوقفها السلطان ، فإما أن تقضي وإما أن ترد ما جعل لها من ذلك قلت : ويكون للزوج أن يطأها قبل أن يوقفها السلطان ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن أمكنته من ذلك فقد بطل ما كان في يدها من ذلك وقد ردته حين أمكنته من الوطء قلت : وهذا قول مالك قال : نعم قلت : وإن غصبها نفسها فهي على أمرها حتى يوقفها السلطان ؟

                                                                                                                                                                                      قال نعم ، ولم أسمعه من مالك

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية