الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2212 ) فصل : ولا بأس أن يعتمر في السنة مرارا . روي ذلك عن علي ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأنس ، وعائشة ، وعطاء ، وطاوس ، وعكرمة ، والشافعي . وكره العمرة في السنة مرتين الحسن ، وابن سيرين ، ومالك .

                                                                                                                                            وقال النخعي : ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله . ولنا ، أن عائشة اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة مع قرانها ، وعمرة بعد حجها ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما } . متفق عليه . وقال علي رضي الله عنه في كل شهر مرة .

                                                                                                                                            وكان أنس إذا حمم رأسه خرج فاعتمر . رواهما الشافعي ، في ( مسنده ) . وقال عكرمة : يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره . وقال عطاء : إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين . فأما الإكثار من الاعتمار ، والموالاة بينهما ، فلا يستحب في ظاهر قول السلف الذي حكيناه . وكذلك قال أحمد : إذا اعتمر فلا بد من أن يحلق أو يقصر ، وفي عشرة أيام يمكن حلق [ ص: 91 ] الرأس . فظاهر هذا أنه لا يستحب أن يعتمر في أقل من عشرة أيام .

                                                                                                                                            وقال في رواية الأثرم : إن شاء اعتمر في كل شهر . وقال بعض أصحابنا : يستحب الإكثار من الاعتمار . وأقوال السلف وأحوالهم تدل على ما قلناه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ينقل عنهم الموالاة بينهما ، وإنما نقل عنهم إنكار ذلك ، والحق في اتباعهم . قال طاوس : الذين يعتمرون من التنعيم ، ما أدري يؤجرون عليها أو يعذبون ؟ قيل له : فلم يعذبون ؟ قال : لأنه يدع الطواف بالبيت ، ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء ، وإلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف ، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء .

                                                                                                                                            وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر في أربع سفرات ، لم يزد في كل سفرة على عمرة واحدة ، ولا أحد ممن معه ، ولم يبلغنا أن أحدا منهم جمع بين عمرتين في سفر واحد معه ، إلا عائشة حين حاضت فأعمرها من التنعيم ; لأنها اعتقدت أن عمرة قرانها بطلت ، ولهذا قالت : يا رسول الله ، يرجع الناس بحج وعمرة ، وأرجع أنا بحجة . فأعمرها لذلك . ولو كان في هذا فضل لما اتفقوا على تركه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية