الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين . وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين . فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم . الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين . إنه هو السميع العليم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فلا تدع مع الله إلها آخر قال ابن عباس : يحذر به غيره ، يقول : أنت أكرم الخلق علي ، ولو اتخذت من دوني إلها لعذبتك .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله وأنذر عشيرتك الأقربين فقال : " يا معشر قريش : اشتروا أنفسكم من الله ، لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت ما أغني عنك من الله شيئا " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 148 ] وفي بعض الألفاظ : " سلوني من مالي ما شئتم " . وفي لفظ : " غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها " . ومعنى قوله " عشيرتك الأقربين : رهطك الأدنين . فإن عصوك يعني : العشيرة فقل إني بريء مما تعملون من الكفر . وتوكل على العزيز الرحيم أي : ثق به وفوض أمرك إليه ، فهو عزيز في نقمته ، رحيم لم يعجل بالعقوبة . وقرأ نافع ، وابن عامر : " فتوكل " بالفاء ، وكذلك [هو] في مصاحف أهل المدينة والشام الذي يراك حين تقوم فيه ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : حين تقوم إلى الصلاة ، قاله ابن عباس ، ومقاتل ، والثاني : حين تقوم من مقامك ، قاله أبو الجوزاء . والثالث : حين تخلو ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وتقلبك أي : ونرى تقلبك في الساجدين وفيه ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : وتقلبك في أصلاب الأنبياء حتى أخرجك ، رواه عكرمة عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : وتقلبك في الركوع والسجود والقيام مع المصلين في الجماعة ; والمعنى : يراك وحدك ويراك في الجماعة ، وهذا قول الأكثرين منهم قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 149 ] والثالث : وتصرفك في ذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية