الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثالث : في وقت صلاة العصر

                                                                                                                وهي مأخوذة من العشي فإنه يسمى عصرا ، وقيل : من طرف النهار ، والعرب تسمي كل طرف من النهار عصرا ، وفي الحديث حافظوا على العصرين : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها يريد الصبح والعصر . وأول وقتها إذا [ ص: 14 ] صار ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس ، ووقت الفضيلة منه ما دامت الشمس نقية وهو قوله في الكتاب : ما رأيت مالكا يحدد في وقت العصر قامتين ، بل يقول : والشمس بيضاء نقية ، وروى ابن عبد الحكم : أن الفضيلة إلى القامتين بعد زيادة ظل الزوال ، وهما متقاربان ; فإن الشمس حينئذ تكون نقية ، قال صاحب الطراز ولأصحابنا : أن أول وقتها قبل انتهاء القامة الأولى بقدر أربع ركعات في العصر لقوله عليه السلام في حديث جبريل : وصلى في العصر حين صار ظل كل شيء مثله ، واللفظ ظاهر من الجملة ووافقنا الشافعي . وقال أبو حنيفة : أول وقتها آخر القامتين لما في الموطأ عن القاسم بن محمد : ما أدركنا الناس إلا وهم يصلون العصر بعشي ، وهذا يقتضي أن العصر بعد القامتين وهو معارض بحديث جبريل فإن صلى العصر قبل القامة الأولى لا يجزيه . وقال أشهب : أرجو إن صلى العصر قبل القامة ، والعشاء قبل الشفق أن يجزيه ، وإن كان لغير عذر ; لأن المسافر قد يصليهما كذلك عند رحيله ، ولأن القامة الأولى لو لم تكن وقتا لها لما جاز تقديمها للعذر .

                                                                                                                فائدة : من علم وقت الظهر علم وقت العصر : بأن يزيد على ظل الزوال ستة أقدام ونصفا بقدمه ، فإنه قامة كل أحد غالبا ، ومن لم يعلم ظل الزوال فقد قال ابن أبي زيد : من غلق يده ، وجعلها بين نحره على ترقوته وبين حنكه وخنصره مما يلي [ ص: 15 ] الترقوة واستقبل الشمس قائما لا يرفع حاجبيه ، فإن رأى قرص الشمس فقد دخل العصر ، وإن كان قرصها على حاجبيه لم يدخل ، ويعرف الظهر بأن تضرب وتدا في حائط تكون الشمس عليه عند الزوال ، فإذا زالت الشمس انظر طرف ظل الوتد ، واجعل في يدك خيطا فيه حجر مدلى من أعلى الظل فإذا جاء الخيط على طرف الظل فخط مع الخيط خطا طويلا ، فإنه يكون خطا للزوال أبد الدهر ، فمتى وصل ظل ذلك الوتد إليه فقد زالت الشمس ، ففي الشتاء يصل إليه أسفل وفي الصيف يصل إليه فوق .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية