الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              475 - أحمد بن الغمر

              ومنهم أحمد بن الغمر المحفوظ من اللهو والزمر والمؤيد بالثبات والصبر .

              [ ص: 132 ] حدثنا أبو بكر الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد العطشي ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا عون بن إبراهيم بن الصلت قال : حدثني أحمد بن الغمر الحمصي قال : سمعت محمد بن المبارك الصوري قال : قلت لراهب : متى يبلغ الرجل حقيقة الأنس بالله ؟ قال : إذا صفا الود فيه ، وخلصت المعاملة فيما بين العبد وبين الله ، قال : قلت : فمتى يصفو الود وتخلص المعاملة ؟ قال : إذ اجتمع الهم فصار في الطاعة . قلت : ومتى يجتمع الهم فيصير في الطاعة ؟ قال : إذا اجتمعت الهموم فصارت هما واحدا . قلت : يا راهب ، بم يستعان على قلة المطعم ؟ قال : بالتحري في المكسب والنظر في الكسوة . قلت : عظني وأوجز ، قال : كل من حلال وارقد حيث شئت . قال : قلت له : فأين طريق الراحة ؟ قال : في خلاف الهوى . قلت : فمتى يجد الرجل الراحة ؟ قال : عند أول قدم يضعها في الجنة ، قلت : بماذا أقطع الطريق إلى الله ؟ قال : بالسهر الدائم والظمأ في الهواجر . قلت : ما علامة العلم ؟ قال : الخوف والشفقة . قلت : ما علامة الجهل ؟ قال : الحرص والرغبة ، قلت : ما علامة الورع ؟ قال : الهرب من مواطن الشبهة . قلت : فما الذي عقلك في هذه البيعة ؟ قال : بلغني أنه من مشى على الأرض عثر ، ففزعت فزعة الأكياس فتحصنت بمن في السماء من فتنة من في الأرض ، وذلك أنهم سراق العقول فخشيت أن يسرقوا عقلي ، قلت : فمن أين تأكل في هذه الصومعة ؟ قال : بذر أبذره من بذر اللطيف الخبير ثم قال : إن الذي خلق الرحا يجيء بالطحين ، قال : وأومأ بيده إلى ضرسه ثم قال : من رزق حسن الظن بالله أفيد الراحة . قال إبراهيم بن الجنيد : وأنشدني شيخ من طلبة العلم لبعضهم :


              وما عاشق الدنيا بناج من الردى ولا خارج منها بغير غليل     وكم ملك قد صغر الموت قدره
              فأخرج من ظل عليه ظليل

              .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية