الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            إعلامه- صلى الله عليه وسلم- بأنه حاج في هذه السنة :

            قلت : قال ابن سعد : قالوا : أقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين يضحي كل عام ، ولا يحلق ، ولا يقصر ، ويغزو المغازي ، ولا يحج حتى كان في ذي القعدة سنة عشر أجمع الخروج إلى الحج والله تعالى أعلم ، ولما عزم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على الحج أذن في الناس أنه حاج في هذه السنة فسمع بذلك من حول المدينة ، فلم يبق أحد يريد وفي لفظ : يقدر أن يأتي راكبا ، أو راجلا إلا قدم ، فقدم المدينة بشر كثير ، ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون ، وكانوا من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، مد البصر ، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويعمل مثل عمله ، وأصاب الناس جدري ، أو حصبة ، منعت من شاء الله أن تمنع من الحج ، قال أبو محمد : فأعلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن عمرة في رمضان ، تعدل حجة معه . وصوبا أن هذا الإعلام كان بعد رجوعه- صلى الله عليه وسلم- وهو كما قال .

            وهم لأبي محمد بن حزم في حجة الوداع حيث قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وقت خروجه ( أن عمرة في رمضان تعدل حجة ) وهذا وهم ظاهر ؛ فإنه إنما قال ذلك بعد رجوعه إلى المدينة من حجته ، إذ قال لأم سنان الأنصارية : ( ما منعك أن تكوني حججت معنا ؟ قالت : لم يكن لنا إلا ناضحان فحج أبو ولدي وابني على ناضح ، وترك لنا ناضحا ننضح عليه . قال : فإذا جاء رمضان فاعتمري ، فإن عمرة في رمضان تقضي حجة ) هكذا رواه مسلم في " صحيحه " .

            وكذلك أيضا ، قال هذا لأم معقل بعد رجوعه إلى المدينة ، كما رواه أبو داود ، من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن جدته أم معقل ، قالت : لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله ، فأصابنا مرض ، فهلك أبو معقل ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغ من حجه جئته ، فقال : ( ما منعك أن تخرجي معنا ؟ فقالت : لقد تهيأنا ، فهلك أبو معقل ، وكان لنا جمل وهو الذي نحج عليه ، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله . قال : فهلا خرجت عليه ؟ فإن الحج في سبيل الله ، فأما إذ فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان ؛ فإنها كحجة ) .

            فصل

            ومنها وهم آخر له ، وهو أن خروجه كان يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة ، وقد تقدم أنه خرج لخمس ، وأن خروجه كان يوم السبت .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية