الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 178 ] الاعتراضات الواردة على القياس .

            ص - الاعتراضات راجعة إلى منع أو معارضة ، وإلا لم تسمع ، وهي خمسة وعشرون :

            الأول : الاستفسار ، وهو طلب معنى اللفظ لإجمال أو غرابة ، وبيانه على المعترض بصحته على متعدد ، ولا يكلف بيان التساوي لعسره .

            ولو قال : التفاوت يستدعي ترجيحا بأمر ، والأصل عدمه ، لكان جيدا .

            وجوابه بظهوره في مقصوده بالنقل أو بالعرف أو بقرائن معه ، أو بتفسيره .

            وإذا قال : يلزم ظهوره في أحدهما دفعا للإجمال ، أو قال : يلزم ظهوره فيما قصدت ; لأنه غير ظاهر في الآخر اتفاقا ، فقد صوبه بعض .

            [ ص: 179 ] وأما تفسيره بما لا يحتمله لغة ، فمن جنس اللعب .

            التالي السابق


            ش - لما فرغ من القياس وأركانه وشرائطها وأقسامه وبيان كونه حجة ، شرع في الاعتراضات الواردة على القياس ، وهي راجعة إلى المنع أو المعارضة .

            والمنع إما لمقدمة من مقدمات القياس ، أو لجميعها .

            والمعارضة إما في المقدمة أو في نفس القياس .

            والاعتراضات خمسة وعشرون :

            الأول : الاستفسار ، وهو طلب معنى اللفظ الذي استعمله المستدل ، وذلك إنما يصح إذا كان في اللفظ إجمال بسبب تردده بين محملين ، أو غرابة بسبب ندرة الاستعمال ، فلا يعرفه المخاطب . وبيان الإجمال والغرابة على المعترض ; لأن الأصل عدمهما .

            وبيان الإجمال بأن يبين المعترض صحة إطلاق اللفظ على متعدد ، ولا يكلف المعترض بيان تساوي المحملين في إطلاق ذلك اللفظ عليهما ; لعسره ، إذ ما من وجه يبين به التساوي إلا [ ص: 180 ] وللمستدل أن يقول : لم قلت ؟ لا تفاوت بينهما من وجه آخر . ولو قال المعترض في بيان تساوي المحملين على طريق الإجمال : التفاوت بين المحملين يستدعي ترجيح أحدهما على الآخر بأمر ، والأصل عدم ذلك الأمر المرجح ، لكان جيدا .

            قيل : وفيه نظر ; لأنه لما سلم المعترض الاستعمال - والأصل عدم الاشتراك - فقد سلم حصول المرجح ، فلم يتمكن من أن الأصل عدم المرجح .

            أجيب بأنه لا يلزم من قولنا : الأصل عدم الاشتراك ، حصول المرجح ; وذلك لأن سبب الإجمال لا ينحصر في الاشتراك ، وجواب المستدل بعد بيان المعترض الإجمال .

            أما بطريق التفصيل : فبأن يبين ظهور اللفظ في مقصوده ، أي مقصود المستدل بالنقل من أهل اللغة أو بعرف الشرع ، أو الاصطلاح ، أو بقرائن موجودة مع اللفظ ، أو بأن يفسر اللفظ بما هو مقصوده ، إن عجز عن ذلك .

            وأما بطريق الإجمال : فبأن يقول المستدل : اللفظ ظاهر فيما هو المقصود ; لأنه يلزم ظهور اللفظ في أحد المحملين ، وإلا يلزم [ ص: 181 ] الإجمال ، وهو خلاف الأصل ; لإخلاله بالتفاهم المقصود من وضع اللفظ . ولا يكون اللفظ ظاهرا في غير المقصود بالاتفاق .

            أما عند المعترض ; فلأنه قائل بالإجمال .

            وأما عند المستدل فلدعوى ظهوره في المقصود .

            فتعين أن يكون ظاهرا في المقصود ، أو يقول : اللفظ ظاهر فيما قصدت ; لأنه غير ظاهر في الآخر ، أي في غير المقصود اتفاقا ، والأصل عدم الإجمال .

            وقد صوب بعض الأصوليين هذا الطريق في بيان دفع الإجمال بناء على أن الغرض بيان الظهور ، وقد حصل بهذا الطريق .

            وأما إذا فسر المستدل اللفظ بما لا يحتمله لغة ، بأن لا يكون معهودا في اللغة بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز ، فمن جنس الخبط واللعب ، فلا يكون معتدا به .

            وأما جواب الغرابة ، فببيان شهرة اللفظ بين أهل الاصطلاح ، ولم يذكر المصنف بيان الغرابة من جهة المعترض ، ولا جوابه من جهة المستدل .




            الخدمات العلمية