الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                17711 [ ص: 117 ] باب فتح مكة . حرسها الله تعالى .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو بكر : محمد بن الحسن بن فورك ، أنبأ عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا سليمان بن المغيرة ، ( ح وأنبأ ) أبو عبد الله الحافظ ، واللفظ له ، أنبأ أبو عبد الله : محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن إبراهيم وعمران بن موسى ، قالا : ثنا شيبان بن فروخ ، ثنا سليمان بن المغيرة ، ثنا ثابت البناني ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان ، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام ، فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله ، فقلت : ألا أصنع طعاما وأدعوهم إلى رحلي ، فأمرت بطعام فصنع ، ثم لقيت أبا هريرة من العشي ، فقلت : الدعوة عندي الليلة ، قال : سبقتني . قلت نعم . فدعوتهم ، فقال أبو هريرة : ألا أعلمكم حديثا من حديثكم يا معشر الأنصار ؟ ثم ذكر فتح مكة ، فقال : أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قدم مكة ، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين ، وبعث خالد بن الوليد على المجنبة الأخرى ، وبعث أبا عبيدة على الحسر ، فأخذوا بطن الوادي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته فنظر فرآني ، فقال : " أبا هريرة " . قلت : لبيك يا رسول الله . قال : فندب الأنصار ، فقال : " لا يأتينا إلا أنصاري " . فأطافوا به . زاد أبو داود ، قال : فقال : " اهتف بالأنصار ، ولا تأتني إلا بأنصاري " ، قال : ففعلته ، قال شيبان في روايته : وأوبشت قريش أوباشا لها وأتباعا ، فقالوا نقدم هؤلاء ، فإن كان لهم شيء كنا معهم ، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم " . ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ، ثم قال : " حتى توافوني بالصفا " . زاد أبو داود في روايته : " احصدوهم حصدا " . قال شيبان في روايته : قال : وانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله ، وما أحد يوجه إلينا شيئا ، قال : فجاء أبو سفيان ، فقال : يا رسول الله ، أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم ، قال : " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " . زاد أبو داود في روايته : " من ألقى السلاح فهو آمن " . قال : شيبان في روايته : فقالت الأنصار بعضهم لبعض : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته ، فقال أبو هريرة : وجاء الوحي وكان إذا جاء لا يخفى علينا ، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضي الوحي ، فلما قضي الوحي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الأنصار " . قالوا : لبيك رسول الله ، قال : " قلتم : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته " . قالوا : قد كان ذاك . قال : " كلا ، إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله ، وإليكم المحيا محياكم والممات مماتكم " . فأقبلوا إليه يبكون ويقولون : والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله ورسوله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم " . فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان ، وأغلق الناس أبوابهم ، وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه ، فطاف بالبيت ، فأتى إلى صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه ، قال وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس وهو آخذ بسية القوس ، فلما أتى على الصنم جعل يطعن في عينه ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " . فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا

                                                                                                                                                [ ص: 118 ] عليه حتى نظر إلى البيت ، فرفع يديه وجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو
                                                                                                                                                . رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ . وأخرجه من حديث بهز بن أسد ، عن سليمان بن المغيرة ، وذكر اللفظة التي زادها أبو داود .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية