القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28977_19709وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ( 54 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله - تعالى ذكره - بهذه الآية .
فقال بعضهم : عنى بها الذين نهى الله نبيه عن طردهم . وقد مضت الرواية بذلك عن قائليه .
وقال آخرون : عنى بها قوما استفتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذنوب أصابوها عظام ، فلم يؤيسهم الله من التوبة .
ذكر من قال ذلك :
13291 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
يحيى بن سعيد قال : حدثنا
سفيان ، عن
مجمع قال سمعت
ماهان قال :
جاء قوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أصابوا ذنوبا عظاما . قال ماهان : فما إخاله رد عليهم شيئا . قال : فأنزل [ ص: 391 ] الله - تعالى ذكره - هذه الآية : " وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم " الآية .
13292 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
قبيصة ، عن
سفيان ، عن
مجمع ، عن
ماهان :
أن قوما جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا محمد إنا أصبنا ذنوبا عظاما ! فما إخاله رد عليهم شيئا ، فانصرفوا فأنزل الله - تعالى ذكره - : " nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة " . قال : فدعاهم فقرأها عليهم .
13293 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
أبو نعيم قال : حدثنا
سفيان ، عن
مجمع التميمي قال سمعت
ماهان يقول : فذكر نحوه .
وقال آخرون : بل عني بها قوم من المؤمنين كانوا أشاروا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بطرد القوم الذين نهاه الله عن طردهم ، فكان ذلك منهم خطيئة ، فغفرها الله لهم وعفا عنهم ، وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - إذا أتوه أن يبشرهم بأن قد غفر لهم خطيئتهم التي سلفت منهم بمشورتهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بطرد القوم الذين أشاروا عليه بطردهم . وذلك قول
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد ، وقد ذكرنا الرواية عنهما بذلك قبل .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك عندي بتأويل الآية ، قول من قال : المعنيون بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم " غير الذين نهى الله النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طردهم . لأن قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا " خبر مستأنف بعد تقضي الخبر عن الذين نهى الله نبيه صلى الله
[ ص: 392 ] عليه وسلم عن طردهم . ولو كانوا هم ، لقيل : " وإذا جاءوك فقل سلام عليكم " . وفي ابتداء الله الخبر عن قصة هؤلاء ، وتركه وصل الكلام بالخبر عن الأولين ، ما ينبئ عن أنهم غيرهم .
فتأويل الكلام إذا إذ كان الأمر على ما وصفنا وإذا جاءك ، يا
محمد ، القوم الذين يصدقون بتنزيلنا وأدلتنا وحججنا ، فيقرون بذلك قولا وعملا مسترشديك عن ذنوبهم التي سلفت منهم بيني وبينهم ، هل لهم منها توبة ، فلا تؤيسهم منها ، وقل لهم : " سلام عليكم " أمنة الله لكم من ذنوبكم ، أن يعاقبكم عليها بعد توبتكم منها "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة " يقول : قضى ربكم الرحمة بخلقه "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم " .
واختلفت القرأة في قراءة ذلك :
فقرأته عامة قرأة المدنيين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أنه من عمل منكم سوءا ) ، فيجعلون " أن " منصوبة على الترجمة بها عن " الرحمة " (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم ) ، على ائتناف " إنه " بعد " الفاء " فيكسرونها ، ويجعلونها أداة لا موضع لها ، بمعنى : فهو له غفور رحيم أو : فله المغفرة والرحمة .
وقرأهما بعض الكوفيين بفتح " الألف " منهما جميعا ، بمعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة ثم ترجم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ، عن الرحمة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54فأنه غفور رحيم ) ، فيعطف ب " أنه " الثانية على " أنه " الأولى ، ويجعلهما اسمين منصوبين على ما بينت .
[ ص: 393 ]
وقرأ ذلك بعض المكيين وعامة قرأة أهل
العراق من
الكوفة والبصرة : بكسر " الألف " من " إنه " و " إنه " على الابتداء ، وعلى أنهما أداتان لا موضع لهما .
قال
أبو جعفر : وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب ، قراءة من قرأهما بالكسر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة إنه ) ، على ابتداء الكلام ، وأن الخبر قد انتهى عند قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة " ثم استؤنف الخبر عما هو فاعل - تعالى ذكره - بمن عمل سوءا بجهالة ثم تاب وأصلح منه .
ومعنى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54إنه من عمل منكم سوءا بجهالة " إنه من اقترف منكم ذنبا ، فجهل باقترافه إياه ثم تاب وأصلح " فإنه غفور " لذنبه إذا تاب وأناب ، وراجع العمل بطاعة الله ، وترك العود إلى مثله ، مع الندم على ما فرط منه " رحيم " بالتائب أن يعاقبه على ذنبه بعد توبته منه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13294 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو خالد الأحمر ، عن
عثمان ، عن
مجاهد : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54من عمل منكم سوءا بجهالة " قال : من جهل : أنه لا يعلم حلالا من حرام ، ومن جهالته ركب الأمر .
13295 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو خالد ، عن
جويبر ، عن
الضحاك مثله .
13296 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير ، عن
ليث ، عن
مجاهد :
[ ص: 394 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17يعملون السوء بجهالة " قال : من عمل بمعصية الله ، فذاك منه جهل حتى يرجع .
13297 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
بكر بن خنيس ، عن
ليث ، عن
مجاهد في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54من عمل منكم سوءا بجهالة " قال : كل من عمل بخطيئة فهو بها جاهل .
13298 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
خالد بن دينار أبو خلدة قال : كنا إذا دخلنا على
أبي العالية قال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة " .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28977_19709وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 54 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - بِهَذِهِ الْآيَةِ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَنَى بِهَا الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ نَبِيَّهُ عَنْ طَرْدِهِمْ . وَقَدْ مَضَتِ الرِّوَايَةُ بِذَلِكَ عَنْ قَائِلِيهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهَا قَوْمًا اسْتَفْتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عِظَامٍ ، فَلَمْ يُؤَيِّسْهُمُ اللَّهُ مِنَ التَّوْبَةِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
13291 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مُجَمِّعٍ قَالَ سَمِعْتُ
مَاهَانَ قَالَ :
جَاءَ قَوْمٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَصَابُوا ذُنُوبًا عِظَامًا . قَالَ مَاهَانُ : فَمَا إِخَالُهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا . قَالَ : فَأَنْزَلَ [ ص: 391 ] اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - هَذِهِ الْآيَةَ : " وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " الْآيَةَ .
13292 - حَدَّثَنَا
هَنَّادٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
قَبِيصَةُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
مُجَمِّعٍ ، عَنْ
مَاهَانَ :
أَنَّ قَوْمًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ إِنَّا أَصَبْنَا ذُنُوبًا عِظَامًا ! فَمَا إِخَالُهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا ، فَانْصَرَفُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : " nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " . قَالَ : فَدَعَاهُمْ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ .
13293 - حَدَّثَنَا
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو نُعَيمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مُجَمِّعٍ التَّمِيمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ
مَاهَانَ يَقُولُ : فَذَكَرَ نَحْوَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهَا قَوْمٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا أَشَارُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرْدِ الْقَوْمِ الَّذِينَ نَهَاهُ اللَّهُ عَنْ طَرْدِهِمْ ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ خَطِيئَةً ، فَغَفَرَهَا اللَّهُ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ ، وَأَمَرَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَتَوْهُ أَنْ يُبَشِّرَهُمْ بِأَنْ قَدْ غَفَرَ لَهُمْ خَطِيئَتَهُمُ الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُمْ بِمَشُورَتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرْدِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِطَرْدِهِمْ . وَذَلِكَ قَوْلُ
عِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16327وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْهُمَا بِذَلِكَ قَبْلُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " غَيْرُ الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ طَرْدِهِمْ . لِأَنَّ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا " خَبَرٌ مُسْتَأْنَفٌ بَعْدَ تَقَضِّي الْخَبَرِ عَنِ الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ
[ ص: 392 ] عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ طَرْدِهِمْ . وَلَوْ كَانُوا هُمْ ، لَقِيلَ : " وَإِذَا جَاءُوكَ فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " . وَفِي ابْتِدَاءِ اللَّهِ الْخَبَرَ عَنْ قِصَّةِ هَؤُلَاءِ ، وَتَرْكِهِ وَصْلَ الْكَلَامِ بِالْخَبَرِ عَنِ الْأَوَّلِينَ ، مَا يُنْبِئُ عَنْ أَنَّهُمْ غَيْرُهُمْ .
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إذًا إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَإِذَا جَاءَكَ ، يَا
مُحَمَّدُ ، الْقَوْمُ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِتَنْزِيلِنَا وَأَدِلَّتِنَا وَحُجَجِنَا ، فَيُقِرُّونَ بِذَلِكَ قَوْلًا وَعَمَلًا مُسْتَرْشَدِيكَ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، هَلْ لَهُمْ مِنْهَا تَوْبَةٌ ، فَلَا تُؤَيِّسْهُمْ مِنْهَا ، وَقُلْ لَهُمْ : " سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " أَمَنَةُ اللَّهِ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ، أَنْ يُعَاقِبَكُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ تَوْبَتِكُمْ مِنْهَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " يَقُولُ : قَضَى رَبُّكُمُ الرَّحْمَةَ بِخَلْقِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " .
وَاخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ :
فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْمَدَنِيِّينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا ) ، فَيَجْعَلُونَ " أَنَّ " مَنْصُوبَةً عَلَى التَّرْجَمَةِ بِهَا عَنِ " الرَّحْمَةِ " (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، عَلَى ائْتِنَافِ " إِنَّهُ " بَعْدَ " الْفَاءِ " فَيَكْسِرُونَهَا ، وَيَجْعَلُونَهَا أَدَاةً لَا مَوْضِعَ لَهَا ، بِمَعْنَى : فَهُوَ لَهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَوْ : فَلَهُ الْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ .
وَقَرَأَهُمَا بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ بِفَتْحِ " الْأَلِفِ " مِنْهُمَا جَمِيعًا ، بِمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ثُمَّ تَرْجَمَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ، عَنِ الرَّحْمَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، فَيَعْطِفُ بِ " أَنَّهُ " الثَّانِيَةِ عَلَى " أَنَّهُ " الْأُولَى ، وَيَجْعَلُهُمَا اسْمَيْنِ مَنْصُوبَيْنِ عَلَى مَا بَيَّنْتُ .
[ ص: 393 ]
وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَعَامَّةُ قَرَأَةِ أَهْلِ
الْعِرَاقِ مِنَ
الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ : بِكَسْرِ " الْأَلِفِ " مِنْ " إِنَّهُ " وَ " إِنَّهُ " عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَعَلَى أَنَّهُمَا أَدَاتَانِ لَا مَوْضِعَ لَهُمَا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقِرَاءَاتِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ ، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُمَا بِالْكَسْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ إِنَّهُ ) ، عَلَى ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ ، وَأَنَّ الْخَبَرَ قَدِ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " ثُمَّ اسْتُؤْنِفَ الْخَبَرُ عَمَّا هُوَ فَاعِلٌ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - بِمَنْ عَمِلَ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ وَأَصْلَحَ مِنْهُ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54إِنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ " إِنَّهُ مَنِ اقْتَرَفَ مِنْكُمْ ذَنْبًا ، فَجَهِلَ بِاقْتِرَافِهِ إِيَّاهُ ثُمَّ تَابَ وَأَصْلَحَ " فَإِنَّهُ غَفُورٌ " لِذَنْبِهِ إِذَا تَابَ وَأَنَابَ ، وَرَاجَعَ الْعَمَلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَتَرَكَ الْعَوْدَ إِلَى مِثْلِهِ ، مَعَ النَّدَمِ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ " رَحِيمٌ " بِالتَّائِبِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذَنْبِهِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ مِنْهُ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
13294 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ، عَنْ
عُثْمَانَ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ " قَالَ : مِنْ جَهْلٍ : أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَلَالًا مِنْ حَرَامٍ ، وَمِنْ جَهَالَتِهِ رَكِبَ الْأَمْرَ .
13295 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو خَالِدٍ ، عَنْ
جُوَيْبِرٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ .
13296 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ :
[ ص: 394 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ " قَالَ : مَنْ عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَذَاكَ مِنْهُ جَهْلٌ حَتَّى يَرْجِعَ .
13297 - حَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ : حَدَّثَنَا
بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ ، عَنْ
لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ " قَالَ : كُلُّ مَنْ عَمِلَ بِخَطِيئَةٍ فَهُوَ بِهَا جَاهِلٌ .
13298 - حَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ : حَدَّثَنَا
خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو خَلْدَةَ قَالَ : كُنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى
أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " .