الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 169 ] ( 12 ) باب القسم للنخيل في الغزو

                                                                                                                        949 - وذكر مالك أنه بلغه أن " عمر بن عبد العزيز كان يقول : للفرس سهمان . وللرجل سهم .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        19860 - قال مالك : ولم أزل أسمع ذلك .

                                                                                                                        19861 - قال أبو عمر : أما ما حكاه عن عمر بن عبد العزيز ، فهو محفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند العلماء .

                                                                                                                        19862 - أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : أبو داود قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسهم لرجل ثلاثة سهمان : سهم له وسهمان لفرسه .

                                                                                                                        [ ص: 170 ] 19863 - قال أبو عمر : هكذا رواه جماعة عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر كما رواه أبو معاوية منهم : عبد الله بن نمير ، وأبو أسامة ، وسليم بن أخضر .

                                                                                                                        19863 - وروي من حديث أبي عمرة الأنصاري وابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19864 - قال أبو عمر : اختلف العلماء في هذا الباب .

                                                                                                                        19865 - فقال مالك ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، والشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد : يسهم للفارس ثلاثة أسهم : سهمان للفرس ، وسهم لراكبه .

                                                                                                                        19866 - وقال أبو حنيفة : للفارس سهمان وللراجل سهم .

                                                                                                                        [ ص: 171 ] 19867 - وروي مثل قول أبي حنيفة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث مجمع بن جارية ، وعن علي بن أبي طالب ، وأبي موسى الأشعري مثله ، رواه شعبة ، عن إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي - رضي الله عنه .

                                                                                                                        [ ص: 172 ] 19868 - وروي مثل قول مالك ومن تابعه عن : ابن عباس ، ومجاهد ، وعمر بن عبد العزيز ، والحسن ، وابن سيرين ، والحكم بن عيينة ، وعن عمرو بن ميمون .

                                                                                                                        19869 - وبه : قال أحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وداود ، والطبري .

                                                                                                                        19870 - وقد روى سعيد بن داود ابن أبي زبير ، عن مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير يوم حنين أربعة أسهم : سهما له مع المسلمين ، وسهمين للفرس ، وسهما للقربى .

                                                                                                                        19871 - وهذا حديث أنكروه على سيد بن الزبير ، لم يتابعه أحد عليه عن مالك .

                                                                                                                        19872 - والمعروف في هذا الحديث ما رواه سفيان بن عيينة وغيره ، عن هشام بن عروة ، عن يحيى في عباد بن عبد الله بن الزبير مرسلا منقطعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19873 - وأما قول مالك في هذا الباب : " لا أرى أن يسهم إلا لفرس واحد ، الذي يقاتل عليه ، وإن دخل الرجل بأفراس عدة ، لم أر أن يسهم منها إلا لواحد " ، فهو قول الشافعي وأبي حنيفة ، ومحمد بن الحسن .

                                                                                                                        [ ص: 173 ] 19874 - وروى أبو حبان التيمي ، واسمه يحيى بن سعيد مثله .

                                                                                                                        19875 - وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأبو يوسف ، والليث : يسهم لفرسين .

                                                                                                                        19876 - قال أبو عمر : وممن قال : يسهم لفرسين : الحسن البصري ، ومكحول الشامي ، ويحيى بن سعيد الأنصاري .

                                                                                                                        19877 - واختار : محمد بن الجهم المالكي ، وقد قال : رأيت أهل الثغور يسهمون لفرسين ، وتأملت أئمة التابعين بالأمصار ، فرأيت أكثرهم يسهمون لفرسين .

                                                                                                                        19878 - قال أبو بكر : لا أعلم أحدا أسهم لأكثر من فرسين إلا ما رواه ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، قال : إذا أدرب الرجل بأفراس ، قسم لكل فرس سهمان .

                                                                                                                        19879 - وأما قول مالك في البراذين والهجن أنها من الخيل يسهم لها ، فهو قول : الثوري ، وأبي حنيفة ، والشافعي : البرذون والفرس عندهم سواء .

                                                                                                                        19880 - وقد احتج مالك في موطئه بأن البراذين خيل ؛ لقوله تعالى : والخيل والبغال والحمير [ النحل : 8 ] .

                                                                                                                        19881 - ويقول سعيد بن المسيب أنه سئل عن البراذين هل فيها من صدقة ؟ فقال : وهل في الخيل من صدقة ؟ .

                                                                                                                        19882 - وقال الحسن : " البراذين بمنزلة الخيل " . رواه ابن حسان عنه .

                                                                                                                        19883 - وقال الأوزاعي : كانت أئمة المسلمين فيما سلف يسهمون للبراذين حتى هاجت الفتنة من بعد قتل الوليد بن يزيد .

                                                                                                                        [ ص: 174 ] 19884 - وقال الليث : للهجين والبرذون منهم مثل سهم الفرس ، ولا يلحقان بالعراب .

                                                                                                                        19885 - وقال عمر بن عبد العزيز : تلحق البراذين بسهام الخيل إذا أدركت ما تدرك الخيل .

                                                                                                                        19886 - وروي هذا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه .

                                                                                                                        19887 - وروي أيضا عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عامله : " إذا كان البرذون رائع المنظر ، حسن الجري ، فأسهم له سهم العراب .

                                                                                                                        19888 - وقال مكحول : أول من أسهم للبراذين خالد بن الوليد يوم دمشق ، أسهم للبراذين نصف سهمان الخيل ؛ لما رأى من جريها وقوتها ، وكان يعطي للبراذين سهما سهما ، وللفرس سهمين .

                                                                                                                        19889 - قال أبو عمر : هذا حديث منقطع ، لم يسمعه مكحول من خالد ، ولا أدركه .

                                                                                                                        [ ص: 175 ] 19890 - ذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا الصباح بن ثابت البجلي ، قال : سمعت الشعبي يقول : إن المنذر بن الدهن بن أبي حميصة خرج في طلب العدو ، فلحقت الخيل العراب وتقطعت البراذين ، فأسهم للعراب سهمين ، وللبراذين سهما ، ثم كتب بذلك إلى عمر بن الخطاب فأعجبه ذلك ، فجرت سنة للخيل بعد . قال : وحدثنا سفيان بن عيينة ، عن الأسود بن قيس وإبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن علي بن الأقمر ، قال : أغارت الخيل بالشام ، فأدركت العراب من يومها ، وأدركت البراذين ضحا الغد ، فقال ابن أبي حميصة : لا أجعل ما أدرك كما لم يدرك ، وكتب إلى عمر ؟ فقال عمر : " هبلت الوادعي أمه ! لقد أذكرت به ، أمضوها على ما قال " .

                                                                                                                        19891 - قال أبو عمر : هكذا قال ابن أبي شيبة ، عن ابن عيينة ، عن الأسود بن قيس وإبراهيم بن المنتشر ، عن ابن الأقمر ، وهو غلط منه .

                                                                                                                        19892 - وإنما حديث ابن المنتشر ، عن أبيه ، وحديث الأسود بن قيس ، عن كلثوم بن الأقمر .

                                                                                                                        19893 - كذلك رواه الثوري وشريك ، عن الأسود بن قيس ، عن كلثوم بن الأقمر أن المنذر بن الدهن بن أبي حميصة خرج في طلب العدو ، فلحقت الخيل [ ص: 176 ] وذكر معناه .

                                                                                                                        19894 - حدثنا محمد بن عبد الملك ، قال : حدثنا عبد الله بن مسرور ، قال : حدثنا عيسى بن مسكين ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن محمد المنتصر ، عن أبيه قال : أغارت الخيل بالشام ، وعلى الناس رجل من همدان يقال له : المنذر بن أبي حميصة ، فأدركت العراب من يومها ، وأدركت البراذن ضحا الغد ، فقال : لا أجعل ما أدرك كما لم يدرك ، فكتب إلى عمر في ذلك ، فكتب عمر : فضلت الوادعي أمه لقد أذكرت به أمضوها على ما قال .

                                                                                                                        19895 - وهو أول من سن في الإسلام سنة الخيل والبراذين .

                                                                                                                        19896 - قال سفيان بن عونة : قال الشاعر في ذلك :


                                                                                                                        ومنا الذي قد سن في الخيل سنة وكانت سواء قبل ذاك سهامها



                                                                                                                        19897 - ذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن الحسن ، قال للمقرف وهو الهجين له سهم ولصاحبه سهم .

                                                                                                                        19898 - قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن يزيد بن جابر ، عن مكحول مثله .

                                                                                                                        [ ص: 177 ] 19899 - قال : وحدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، قال : لم يكن أحد من علمائنا يسهمون للبرذون .

                                                                                                                        19900 - قال : وحدثنا وكيع ، عن سفيان ، قال : الفرس والبرذون سواء .




                                                                                                                        الخدمات العلمية