الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            مجمل الغزوات

            اختلف أهل العلم في عدد مجمل غزوات النبي صلى الله عليه وسلم والتي غزى فيها بنفسه، فقال بعضهم سبعا وعشرين غزوة، وقيل: خمس وعشرون، وقيل: تسع وعشرون، وقيل غير ذلك، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والمصطلق، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف. وقيل: قاتل في بني النضير، والغابة، ووادي القرى من أعمال خيبر.

            وأما سراياه وبعوثه، فقريب من ستين، والغزوات الكبار الأمهات سبع: بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، والفتح، وحنين، وتبوك.

            وجرح منها صلى الله عليه? وسلم في غزوة واحدة وهي أحد، وقاتلت معه الملائكة منها في بدر وحنين، ونزلت الملائكة يوم الخندق، فزلزلت المشركين وهزمتهم، ورمى فيها الحصباء في وجوه المشركين فهربوا، وكان الفتح في غزوتين: بدر، وحنين.

            وقاتل بالمنجنيق منها في غزوة واحدة، وهي الطائف، وتحصن في الخندق في واحدة، وهي الأحزاب.

            غزوة غالب بن عبد الله الليثي بني الملوح

            بعث النبي صلى الله عليه وسلم في سنة ثمان من الهجرة غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح بالكديد يغير عليهم، فخرج في ثلاثين من أصحابه ومعه جندب بن مكيث الجهني وكان ربيئة الجيش فاطلع على القوم وظل يراقبهم حتى دخل السحر، فأغاروا عليهم واستاقوا النعم والأموال وخرج الصريخ حتى إذا كانوا بوادي قديد وقد أدركهم القوم بجيش كبير أرسل الله السيل بينهم وبين عدوهم فنجوا بالغنيمة وكان شعارهم فيها "أمت أمت".

            غزوة زيد بن حارثة إلى جذام

            بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى جذام وذلك أن الهنيد بن عوص وابنه عوص بن الهندي خرج على دحية الكلبي رضي الله عنه وهو راجع من عند قيصر صاحب الروم فأخذا كل شيء كان معه، إلا أن بني الضبيب رهط رفاعة بن زيد الجذامي وكانوا قد أسلموا نفروا إلى الهنيد وابنه فقاتلوهم واستنقذوا لدحية متاعه. فسار زيد إليه في خمسمائة من المسلمين فأغاروا على الهنيد فقتلوه وابنه وأغاروا على قوم رفاعة بن زيد وهم لا يعلمون إسلامهم فاستاقوا النعم والنساء والصبيان فذهب رفاعة بن زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه الذي كان قد كتبه له فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى زيد وأعطاه سيفه صلى الله عليه وسلم أمارة فرد زيد ما معه إلى القوم.

            غزوة زيد بن حارثة بني فزارة ومصاب أم قرفة

            وقعت في سنة ست من الهجرة وذلك أن زيدا خرج في تجارة إلى الشام وبينما هو عائد خرجت عليه بنو فزارة في جمع كبير فقتلوا أصحابه وأصابوه فارتث في القتلى ثم قام فرجع إلى المدينة وأقسم ألا يمس غسل جنابة حتى يغزوهم، فلما شفي من جراحاته أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فقاتلهم، وأخذ جارية بنت مالك بن حذيفة، وأمها أم قرفة، ثم قتل أم قرفة لسبها النبي صلى الله عليه وسلم.

            غزوة عبد الله بن رواحة لقتل يسير بن رزام

            كانت في سنة ست من الهجرة بعد مقتل سلام بن أبي الحقيق، حيث إن يهود قد أمرت عليهم يسير بن رزام ، فجاء الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجمع غطفان ومن قدر عليه لغزو المدينة، فبعث إليه ابن رواحة في ثلاثين من أصحابه، فقدموا على يسير واستأمنوه وكلموه أن يخرج إليه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحسن إليه ويستعمله على خيبر فوافق ثم أراد الغدر بهم في الطريق فقتله عبد الله بن أنيس بعدما تأكد من غدره.

            غزوة عبد الله بن أنيس لقتل خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي

            وقعت على رأس خمسة وثلاثين شهرا من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم علم بأن خالد بن سفيان يجمع له الناس فأرسل إليه عبد الله بن أنيس فقتله.

            غزوة غالب بن عبد الله أرض بني مرة

            وفيها قتل أسامة بن زيد مرداس بن نهيك بعدما قال لا إله إلا الله فعاتبه النبي صلى الله عليه وسلم عتابا شديدا.

            غزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل

            وقعت في السنة الثامنة من الهجرة، حيث أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنفر العرب ويستألفهم فبعث عمرا إلى بلي قرب الشام وهم أخواله، فلما قرب من بلادهم استمد النبي صلى الله عليه وسلم فأمده بأبي عبيدة ومعه كبار الصحابة، وسار إلى بلي ففرق جموعهم وظل أياما هناك ثم عاد ولم يلق كيدا، في هذه السرية كانت قصة صلاة عمرو محتلما خشية الاغتسال من البرد.

            غزوة أبي قتادة الأنصاري بطن إضم، وقتل عامر بن الأضبط الأشجعي

            وقعت قبل فتح مكة حيث أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا قتادة في ثمانية من أصحابه إلى بطن إضم ليظن الظان أن النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه إليها فتذهب بذلك الأخبار، وفيها كان قتل عامر بن الأضبط الأشجعي حيث إنه مر بالقوم فسلم عليهم بتحية الإسلام فأمسك عنه القوم ماعدا محلم بن جثامة فقد حمل عليه فقتله لشيء كان بينهما فنزل قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا

            غزوة ابن أبي حدرد لقتل رفاعة بن قيس الجشمي

            بعث النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي حدرد إلى رفاعة بن قيس الجشمي بالغابة حيث جاءه الخبر بجمعه له لحربه فجاءه ابن أبي حدرد واثنان من أصحابه فقتل رفاعة وحمل على القوم ليلا وصاحباه فهربوا فاستاقوا إبلا وشاة كثيرة.

            غزوة عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل

            بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في سبعمائة من أصحابه وقد عممه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة بنفسه، وأوصاه، فقدم على القوم فدعاهم إلى الإسلام ثلاثة أيام فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان رئيسهم وأسلم عدد كثير من القوم ومن لم يسلم أخذت منه الجزية وأراد عبد الرحمن أن يتزوج منهم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج تماضر بنت الأصبغ بن عمرو فتزوجها.

            غزوة أبي عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر (سرية الخبط)

            وقعت في السنة الثامنة من الهجرة حيث بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة في ثلاثمائة من أصحابه إلى جهة حي من جهينة بسيف البحر يرصد عيرا لقريش، وقد أصاب الجيش جوع شديد وكانوا قليلي الزاد يأكل أحدهم التمرة والتمرتين يتبلغ بها يومه، وفيها رزقهم الله بدابة من البحر ظلوا يأكلوا منها ثمانية عشر يوما، وفيها كان بذل قيس بن سعد بن عبادة ونحره العديد من الإبل لأصحابه حتى نهاه أبو عبيدة.

            بعث عمرو بن أمية الضمري لقتال أبي سفيان بن حرب وما صنع في طريقه

            بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان بن حرب على إثر مقتل خبيب بن عدي إلا أن القوم نذروا به وصاحبه وطاردوهما.

            سرية زيد بن حارثة إلى مدين

            وفيها غنم وسبى ففرق زيد في البيع بين الأمهات والأولاد فبكوا فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعوهم إلا جميعا.

            سرية سالم بن عمير لقتل أبي عفك

            وقعت في السنة الثانية من الهجرة وذلك أن أبا عفك اليهودي كان يحرض على النبي صلى الله عليه وسلم فنذر سالم أن يقتله فأوفى بنذره.

            غزوة عمير بن عدي الخطمي لقتل عصماء بنت مروان

            وقعت في السنة الثانية وذلك أن عصماء كانت تحرض على النبي صلى الله عليه وسلم وتهجوه وتؤذيه فنذر عمير أن يقتلها فجاءها فقتلها وكان عمير أعمى فلقبه النبي صلى الله عليه وسلم بالبصير.

            سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء وأسر ثمامة بن أثال الحنفي وإسلامه

            كانت على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة مع ثلاثين راكبا إلى القرطاء فأغار عليهم فقتل من قتل وهرب الباقي واستاق النعم والشاة، وفي أثناء هذه السيرة وجد رهطا من محارب فحمل عليهم واصطحب أيضا النعم والشاة حتى قدم المدينة وفي هذه السرية أسر ثمامة بن أثال الحنفي وقد أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيام من حبسه في المسجد والإحسان إليه فأسلم.

            سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة

            وقعت في سنة تسع من الهجرة حيث علم النبي صلى الله عليه وسلم أن ناسا من الحبشة جاءوا في مراكب لهم إلى جدة بناحية مكة فبعث إليهم علقمة بن مجزز المدلجي في ثلاثمائة من أصحابه وخاض إليهم في البحر فهربوا، فعاد إلى المدينة ولم يلق كيدا.

            سرية كرز بن جابر لقتل البجليين (العرنيين الذين قتلوا يسارا)

            وقعت هذه السرية للعرنيين الذين جاءوا وذكروا إسلاما وبايعوا إلا أنهم استوخموا المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربون من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا ارتدوا وقتلوا الراعي وأخذوا الإبل، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم كرز بن جابر أو سعيد بن زيد في عشرين فارسا في أثرهم، فأدركوهم وأسروهم وجاءوا بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون.

            غزوة علي بن أبي طالب إلى اليمن

            بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه إلى خالد رضي الله عنه في اليمن وأمره أن يقفل خالدا رضي الله عنه ويكون مكانه ويقفل من أحب من الجيش مع خالد رضي الله عنه، وكان قد دعا همدان ستة أشهر فلم يجيبوه إلى الإسلام فلما قدم علي رضي الله عنه وصف لهم وقرأ عليهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم أسلموا فأرسل علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فدعا لهم، وكان بعض من في الجيش قد وجد على علي رضي الله عنه، فلما اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " من آذى عليا فقد آذاني "

            التالي السابق


            الخدمات العلمية