الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وقت الغزوة في سرية غالب بن عبد الله الليثي رضي الله تعالى عنه إلى بني الملوح بالكديد في صفر سنة ثمان . خبر غزوة غالب بن عبد الله الليثي بني الملوح

            [ شأن ابن البرصاء ]

            وكان من حديثها أن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ، حدثني عن مسلم بن عبد الله بن خبيب الجهني ، عن المنذر ، عن جندب بن مكيث الجهني ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي ، كلب بن عوف بن ليث ، في سرية كنت فيها ، وأمره أن يشن الغارة على بني الملوح ، وهم بالكديد ، فخرجنا ، حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن مالك ، وهو ابن البرصاء الليثي ، فأخذناه ، فقال : إني جئت أريد الإسلام ، ما خرجت إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقلنا له : إن تك مسلما فلن يضيرك رباط ليلة ، وإن تك على غير ذلك كنا قد استوثقنا منك ، فشددناه رباطا ، ثم خلفنا عليه رجلا من أصحابنا أسود ، وقلنا له : إن عازك فاحتز رأسه [ بلاء ابن مكيث في هذه الغزوة ]

            قال : ثم سرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس ، فكنا في ناحية الوادي ، وبعثني أصحابي ربيئة لهم ، فخرجت حتى آتي تلا مشرفا على الحاضر ، فأسندت فيه ، فعلوت على رأسه ، فنظرت إلى الحاضر ، فوالله إني لمنبطح على التل ، إذ خرج رجل منهم من خبائه ، فقال لامرأته : إني لأرى على التل سوادا ما رأيته في أول يومي ، فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئا ، لا تكون الكلاب جرت بعضها ؛ قال : فنظرت ، فقالت : لا ، والله ما أفقد شيئا ؛ قال : فناوليني قوسي وسهمين ، فناولته ، قال : فأرسل سهما ، فوالله ما أخطأ جنبي ، فأنزعه ، فأضعه ، وثبت مكاني ، قال : ثم أرسل الآخر ، فوضعه في منكبي ، فأنزعه فأضعه ، وثبت مكاني ، فقال لامرأته : لو كان ربيئة لقوم لقد تحرك ، لقد خالطه سهماي لا أبا لك ، إذا أصبحت فابتغيهما ، فخذيهما ، لا يمضغهما علي الكلاب . قال : ثم دخل .

            [ نجاة المسلمين بالنعم ]

            قال : وأمهلناهم ، حتى إذا اطمأنوا وناموا ، وكان في وجه السحر ، شننا عليهم الغارة ، قال : فقتلنا ، واستقنا النعم ، وخرج صريخ القوم ، فجاءنا دهم ، لا قبل لنا به ، ومضينا بالنعم ، ومررنا بابن البرصاء وصاحبه ، فاحتملناهما معنا ؛ قال : وأدركنا القوم حتى قربوا منا ، قال : فما بيننا وبينهم إلا وادي قديد ، فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى ، من غير سحابة نراها ، ولا مطر ، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة ، ولا يقدر على أن يجاوزه ، فوقفوا ينظرون إلينا ، وإنا لنسوق نعمهم ، ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ، ونحن نحدوها سراعا ، حتى فتناهم ، فلم يقدروا على طلبنا

            [ شعار المسلمين في هذه الغزوة ]

            قال : فقدمنا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : وحدثني رجل من أسلم ، عن رجل منهم : أن شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تلك الليلة : أمت أمت . فقال راجز من المسلمين وهو يحدوها .


            أبى أبو القاسم أن تعزبي في خضل نباته مغلولب




            صفر أعاليه كلون المدهب



            قال ابن هشام : ويروى : كلون الذهب. وروى محمد بن عمر ، عن حمزة بن عمرو الأسلمي قال : كنت معهم وكنا بضعة عشر رجلا نقل في البداية عن الواقدي أنه ذكر هذه القصة بإسناد آخر وقال فيه : وكان معه من الصحابة مائة وثلاثون رجلا . والواقدي ذكر ذلك في سرية لغالب غير هذه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية