الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            غزوة غالب بن عبد الله أرض بني مرة

            [ مقتل مرداس ]

            قال ابن إسحاق : وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي - كلب ليث - أرض بني مرة ، فأصاب بها مرداس بن نهيك ، حليفا لهم من الحرقة ، من جهينة ، قتله أسامة بن زيد ، ورجل من الأنصار .

            قال ابن هشام : الحرقة ، فيما حدثني أبو عبيدة .

            قال ابن إسحاق : وكان من حديثه عن أسامة بن زيد ، قال : أدركته أنا ورجل من الأنصار ، فلما شهرنا عليه السلاح ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله . قال : فلم ننزع عنه حتى قتلناه ؛ فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبره ؛ فقال : يا أسامة ، من لك بلا إله إلا الله ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، إنه إنما قالها تعوذا بها من القتل . قال : فمن لك بها يا أسامة ؟ قال : فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن ، وأني كنت أسلمت يومئذ ، وأني لم أقتله ؛ قال : قلت : أنظرني يا رسول الله ، إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا ، قال : تقول بعدي يا أسامة ؛ قال : قلت بعدك . وروى ابن سعد عن إبراهيم بن حويصة بن مسعود عن أبيه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية مع غالب بن عبد الله إلى بني مرة ، فأغرنا عليهم مع الصبح وقد أوعز إلينا أميرنا ألا نفترق وواخى بيننا ، فقال : لا تعصوني فإني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني» ، وإنكم متى ما عصيتموني فإنما تعصون نبيكم . قال : فآخى بيني وبين أبي سعيد الخدري . قال : فأصبنا القوم وكان شعارهم أمت أمت .

            قال محمد بن عمر : وفي هذه السرية خرج أسامة بن زيد في إثر رجل منهم ، يقال له نهيك بن مرداس أو مرداس بن نهيك وهو الصواب ، فأبعد وقوي المسلمون على الحاضر وقتلوا من قتلوا ، واستاقوا نعما وشاء . وذكر ابن سعد ذلك في سرية غالب إلى الميفعة . وتفقد غالب أسامة بن زيد ، فجاء أسامة بعد ساعة من الليل فلامه الأمير لائمة شديدة وقال : ألم تر إلى ما عهدت إليك ؟ فقال : خرجت في إثر رجل منهم يقال له نهيك جعل يتهكم بي حتى إذا دنوت منه قال : «لا إله إلا الله» . فقال الأمير : «أأغمدت سيفك» ؟ فقال : «لا والله ما فعلت حتى أوردته شعوب» . فقال : بئس ما فعلت وما جئت به! تقتل امرءا يقول لا إله إلا الله ؟ ! فندم أسامة وسقط في يده ، وساق المسلمون النعم والشاء والذرية ، وكانت سهمانهم عشرة أبعرة لكل رجل أو عدلها من الغنم ، وكانوا يحسبون الجزور بعشرة من الغنم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية