الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
فصل المفسد الثاني : من مفسدات القلب ركوبه بحر التمني وهو بحر لا ساحل له ، وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم ، كما قيل : إن nindex.php?page=treesubj&link=32518_29556المنى رأس أموال المفاليس . وبضاعة ركابه مواعيد الشياطين ، وخيالات المحال والبهتان ، فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة ، والخيالات الباطلة ، تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة ، وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية ، ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية ، بل اعتاضت عنها بالأماني الذهبية ، وكل بحسب حاله من متمن للقدرة والسلطان ، وللضرب في الأرض والتطواف في البلدان ، أو للأموال والأثمان ، أو للنسوان والمردان ، فيمثل المتمني صورة مطلوبه في نفسه وقد فاز بوصولها ، والتذ بالظفر بها ، فبينا هو على هذه الحال إذ استيقظ فإذا يده والحصير .
وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان ، والعمل الذي يقربه إلى الله ، ويدنيه من جواره .
وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم متمني الخير ، وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله ، كالقائل : nindex.php?page=hadith&LINKID=980280لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان الذي يتقي في ماله ربه ، ويصل فيه رحمه ، [ ص: 455 ] ويخرج منه حقه ، وقال " هما في الأجر سواء " وتمنى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أنه لو كان تمتع وحل ولم يسق الهدي ، وكان قد قرن ، فأعطاه الله ثواب القران بفعله ، وثواب التمتع الذي تمناه بأمنيته ، فجمع له بين الأجرين .