الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر )

قال أبو جعفر : يقول : وعند الله مفاتح الغيب .

و " المفاتح " : جمع " مفتح " يقال فيه : " مفتح " و " مفتاح " . فمن قال : " مفتح " جمعه " مفاتح " ومن قال : " مفتاح " جمعه " مفاتيح " .

ويعني بقوله : " وعنده مفاتح الغيب " خزائن الغيب ، كالذي : -

13305 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وعنده مفاتح الغيب " قال يقول : خزائن الغيب .

13306 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن مسعر ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن ابن مسعود قال : أعطي نبيكم كل شيء إلا مفاتح الغيب . [ ص: 402 ]

13307 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : " وعنده مفاتح الغيب " قال : هن خمس : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث إلى إن الله عليم خبير [ سورة لقمان : 34 ] .

قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : والله أعلم بالظالمين من خلقه ، وما هم مستحقوه وما هو بهم صانع ، فإن عنده علم ما غاب علمه عن خلقه فلم يطلعوا عليه ولم يدركوه ، ولن يعلموه ولن يدركوه " ويعلم ما في البر والبحر " يقول : وعنده علم ما لم يغب أيضا عنكم ، لأن ما في البر والبحر مما هو ظاهر للعين ، يعلمه العباد . فكأن معنى الكلام : وعند الله علم ما غاب عنكم ، أيها الناس ، مما لا تعلمونه ولن تعلموه مما استأثر بعلمه نفسه ، ويعلم أيضا مع ذلك جميع ما يعلمه جميعكم ، لا يخفى عليه شيء ، لأنه لا شيء إلا ما يخفى عن الناس أو ما لا يخفى عليهم . فأخبر الله - تعالى ذكره - أن عنده علم كل شيء كان ويكون ، وما هو كائن مما لم يكن بعد ، وذلك هو الغيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية