الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الأمة تحت المملوك تعتق قلت : لعبد الرحمن بن القاسم : أرأيت لو أن أمة أعتقت وهي تحت مملوك أو حر ؟ قال : قال مالك : إذا عتقت تحت حر فلا خيار لها وإذا كانت تحت عبد فلها الخيار ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد { أن عائشة أخبرته أن بريرة كانت تحت مملوك قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت أملك بنفسك إن شئت أقمت مع زوجك وإن شئت فارقته ما لم يمسك } ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الفضل بن حسن الضمري قال : سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا أعتقت الأمة وهي تحت العبد فأمرها بيدها فإن هي قرت حتى يطأها فهي امرأته لا تستطيع فراقه } وقال : ربيعة ويحيى بن سعيد وإن مسها ولم تعلم بعتقها فإنها بالخيار حتى يبلغها قلت : فإن اختارت نفسها أيكون فسخا أم طلاقا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يكون طلاقا وقال مالك : إن طلقت نفسها واحدة فهي واحدة بائنة ، وإن طلقت نفسها اثنتين فهما اثنتان بائنتان ، وهي في التطليقتين تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره ; لأن ذلك جميع طلاق العبد قال : وذكر مالك عن ابن شهاب أن زبراء طلقت نفسها ثلاثا

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم جعل مالك خيارها تطليقة بائنة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن كل فرقة من قبل السلطان فهي تطليقة بائنة عند مالك ، وإن لم يأخذ عليها مالا ، ألا ترى أن الزوج إذا لم يستطع امرأته فضرب له أجل سنة ففرق بينهما أنها تطليقة بائنة ؟ يونس عن ابن شهاب أنه قال : إن خيرت فقالت قد فارقته أو طلقته فهي أملك بأمرها ، وقد بانت منه ، وأخبرني رجال من أهل العلم عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح مثله وقال يحيى وعطاء : وإن عتق زوجها قبل أن يحل أجلها لم تكن له عليها رجعة إلا أن تشاء المرأة ويخطبها مع الخطاب [ ص: 85 ] قلت : أرأيت إذا قالت هذه الأمة حين أعتقت : قد اخترت نفسي أتجعل هذا الخيار واحدة أم اثنتين أم ثلاثا إذا لم تكن لها نية ؟ قال أما إذا لم تكن لها نية فهي واحدة بائنة ; لأن مالكا كان مرة يقول ليس لها أن تطلق نفسها أكثر من واحدة وكان يقول خيارها واحدة ، ثم رجع إلى القول الذي قد أخبرتك فأرى إذا لم يكن لها نية أنها واحدة بائنة إلا أن تنوي اثنتين أو ثلاثا فيكون لها ذلك قال : ابن القاسم وقد سألت مالكا عن الأمة يطلقها العبد تطليقة ثم تعتق فتختار نفسها قال : هما تطليقتان ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره قلت : أرأيت الأمة إذا أعتقت وهي تحت عبد فاختارت فراقه عند غير السلطان ، أيجوز ذلك في قول مالك : قال : نعم ، قلت : ويكون فراقها تطليقة قال : ذلك إلى الجارية إن فارقته بالبتات فذلك لها ، وإن فارقته تطليقة فذلك لها قلت : لم قال مالك : لها أن تفارقه بالبتات ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لحديث زبراء حين عتقت وهي تحت عبد ، فقالت لها حفصة إن لك الخيار ففارقته ثلاثا

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية