الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر أزواجه صلى الله عليه وسلم

            [ أمهات المؤمنين ]

            [ أسماؤهن ] قال الله تعالى : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا [ الأحزاب : 32 - 34 ] . وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عن عثمان بن زفر ، حدثنا سيف بن عمر ، عن عبد الله بن محمد ، عن هند بن هند بن أبي هالة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : إن الله تعالى أبى لي أن أزوج أو أتزوج إلا أهل الجنة . ولا خلاف أنه ، عليه الصلاة والسلام ، توفي عن تسع وهن عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية ، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وأم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وسودة بنت زمعة العامرية ، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية ، وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية الإسرائيلية الهارونية ، رضي الله عنهن وأرضاهن . وكانت له سريتان ; وهما مارية بنت شمعون القبطية المصرية من كورة أنصنا ، وهي أم ولده إبراهيم ، عليه السلام ، وريحانة بنت شمعون القرظية ، أسلمت ثم أعتقها ، فلحقت بأهلها ، ومن الناس من يزعم أنها حجبت . والله أعلم . وروى الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس عشرة امرأة ، دخل منهن بثلاث عشرة ، واجتمع عنده إحدى عشرة ، ومات عن تسع . ثم ذكر هؤلاء التسع اللاتي ذكرناهن ، رضي الله عنهن . وروى سيف عن سعيد بن عبد الله ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة مثله ; قالت : فالمرأتان اللتان لم يدخل بهما فهما ; عمرة بنت يزيد الغفارية ، والشنباء ; فأما عمرة فإنه خلا بها وجردها فرأى بها وضحا ، فردها وأوجب لها الصداق ، وحرمت على غيره ، وأما الشنباء فلما أدخلت عليه لم تكن يسيرة ، فتركها ينتظر بها اليسر ، فلما مات ابنه إبراهيم على تفئة ذلك ، قالت : لو كان نبيا لم يمت ابنه . فطلقها وأوجب لها الصداق ، وحرمت على غيره . قالت : فاللاتي اجتمعن عنده ; عائشة ، وسودة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وأم حبيبة ، وزينب بنت جحش ، وزينب بنت خزيمة ، وجويرية ، وصفية ، وميمونة ، وأم شريك .

            قلت : وفي " صحيح البخاري " عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه وهن إحدى عشرة امرأة . والمشهور أن أم شريك لم يدخل بها ، ولكن المراد بالإحدى عشرة اللاتي كان يطوف عليهن التسع المذكورات والجاريتان مارية وريحانة .

            وقال الزهري : وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان بن عمرو من بني أبي بكر بن كلاب ، ودخل بها ، وطلقها صلى الله عليه وسلم . قال البيهقي : كذا في كتابي . وفي رواية غيره : ولم يدخل بها فطلقها .

            وقد قال محمد بن سعد ، عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، حدثني رجل من بني أبي بكر بن كلاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج العالية بنت ظبيان بن عمرو بن عوف بن كعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب ، فمكثت عنده دهرا ثم طلقها .

            وقد روى يعقوب بن سفيان ، عن حجاج بن أبي منيع ، عن جده ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أن الضحاك بن سفيان الكلابي هو الذي دل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ، وأنا أسمع من وراء الحجاب ، قال : يا رسول الله ، هل لك في أخت أم شبيب ؟ وأم شبيب امرأة الضحاك . وبه قال الزهري : وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني عمرو بن كلاب ، فأنبئ أن بها بياضا ، فطلقها ولم يدخل بها . قلت : الظاهر أن هذه هي التي قبلها . والله أعلم .

            قال : وتزوج أخت بني الجون الكندي ، وهم حلفاء بني فزارة ، فاستعاذت منه ، فقال : " لقد عذت بعظيم ، الحقي بأهلك " فطلقها ولم يدخل بها . قال : وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سرية يقال لها مارية . فولدت له غلاما اسمه إبراهيم ، فتوفي وقد ملأ المهد . وكانت له وليدة يقال لها : ريحانة بنت شمعون ، من أهل الكتاب من خنافة ، وهم بطن من بني قريظة ، أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويزعمون أنها قد احتجبت .

            وقد روى الحافظ ابن عساكر بسنده ، عن علي بن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خولة بنت الهذيل بن هبيرة التغلبي ، وأمها خرنق بنت خليفة ، أخت دحية بن خليفة ، فحملت إليه من الشام فماتت في الطريق ، فتزوج خالتها شراف بنت فضالة بن خليفة ، فحملت إليه من الشام فماتت في الطريق أيضا .

            وقال يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أسماء بنت كعب الجونية ، فلم يدخل بها حتى طلقها ، وتزوج عمرة بنت يزيد إحدى نساء بني كلاب ثم من بني الوحيد ، وكانت قبله عند الفضل بن عباس بن عبد المطلب ، فطلقها ولم يدخل بها . قال البيهقي : فهاتان هما اللتان ذكرهما الزهري ، ولم يسمهما ، إلا أن ابن إسحاق لم يذكر العالية .

            وقال البيهقي : أنبأنا الحاكم ، أنبأنا الأصم ، أنبأنا أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي قال : وهبن لرسول الله صلى الله عليه وسلم نساء أنفسهن ، فدخل ببعضهن ، وأرجى بعضهن ، فلم يقربهن حتى توفي ، ولم ينكحن بعده ، منهن أم شريك ، فذلك قوله تعالى ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك [ الأحزاب : 51 ] قال البيهقي : وقد روينا عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كانت خولة - يعني بنت حكيم - ممن وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال البيهقي : وروينا في حديث أبي أسيد الساعدي في قصة الجونية التي استعاذت فألحقها بأهلها ، أن اسمها أميمة بنت النعمان بن شراحيل .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية