الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة

" والحامل لا تحيض إلا أن ترى الدم قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة ، فيكون دم نفاس "

أما الدم الذي تراه الحامل فإنه عندنا دم فساد ؛ لأن الله تعالى جعل دم الحيض غذاء للجنين فإذا خرج شيء فقد خرج على غير الوجه المعتاد . قال ابن عباس رضي الله عنهما : " إن الله قد رفع الحيض عن الحبلى وجعل الدم رزقا للولد " وعن علي رضي الله عنه أنه قال : " إن الله رفع الحيض عن الحبلى وجعل الدم مما تغيض الأرحام " رواهما أبو حفص ابن شاهين ، وروى الأثرم والدارقطني عن عائشة رضي الله عنها في الحامل ترى الدم فقالت : " الحامل لا تحيض وتغتسل وتصلي " فأمرتها بالغسل لأنها مستحاضة والمستحاضة يستحب لها الغسل ، ولأن الشرع جعل الحيض علامة على براءة الرحم من الحمل في العدة والاستبراء ، فلو جاز اجتماعهما لما كان علامة على عدمه ، ولأن طلاق الحائض محرم والطلاق " بعد " تبين الحمل جائز ، فلو كان الدم الذي تراه الحامل حيضا لما جاز الطلاق فيه لما يلزمه من تخصيص العمومات والخروج عن القياس ، فأما الذي تراه قبل الوضع بيومين أو ثلاثة فهو نفاس لأنه دم خارج بسبب الولادة فكان نفاسا كالخارج بعدها ، وهذا [ ص: 515 ] لأن الحامل لا تكاد ترى الدم فإذا رأته قريب الوضع ، فالظاهر أنه بسبب الولد لا سيما إن كان قد ضربها المخاض وهذه اليومان والثلاثة وإن جعلناها نفاسا ، فليست من المدة ، بل أول المدة من حين الوضع لأن في الحديث " كانت تقعد بعد نفاسها " وفي الآخر " كم تجلس النفساء إذا ولدت ؟ " فأما إذا خرج بعض الولد فالدم قبل انفصاله محسوب من المدة ، وفيه وجه أنه لا يحسب حتى ينفصل جميعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية