الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إن في خلق السماوات والأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا نتقوى به على عدونا . فأوحى الله إليه : إني معطيهم، فأجعل لهم الصفا ذهبا، ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذابا لا [ ص: 108 ] أعذبه أحدا من العالمين . فقال : "رب، دعني وقومي، فأدعوهم يوما بيوم" . فأنزل الله هذه الآية : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر . وكيف يسألونك الصفا وهم يرون من الآيات ما هو أعظم من الصفا ! .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن سعيد بن جبير قال : سألت قريش اليهود، فقالوا : حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات، فحدثوهم بالعصا، وبيده البيضاء للناظرين، وسألوا النصارى عما جاءهم به عيسى من الآيات، فأخبروهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله . فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا؛ فنزداد به يقينا، ونتقوى به على عدونا . فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه ، فأوحى الله إليه : إني معطيهم ذلك، ولكن إن كذبوا بعد عذبتهم عذابا لم أعذبه أحدا من العالمين . فقال : "ذرني وقومي، فأدعوهم يوما بيوم"، فأنزل الله عليه : إن في خلق السماوات والأرض الآية . فخلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، أعظم من أن أجعل الصفا ذهبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، والفريابي ، وآدم بن أبي إياس، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في «العظمة»، والبيهقي [ ص: 109 ] في «شعب الإيمان»، عن أبي الضحى قال : لما نزلت : وإلهكم إله واحد عجب المشركون وقالوا : إن محمدا يقول : وإلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين . فأنزل الله : إن في خلق السماوات والأرض الآية . يقول : إن في هذه الآيات : لآيات لقوم يعقلون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن عطاء قال : نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة : وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم فقال كفار قريش بمكة : كيف يسع الناس إله واحد؟ فأنزل الله : إن في خلق السماوات والأرض إلى قوله تعالى : لقوم يعقلون فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء وخالق كل شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية