الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( فإذا فرغ من الفاتحة أمن ، وهو سنة لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمن وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي } فإن كان إماما أمن وأمن المأموم لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا أمن الإمام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن بتأمينه فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } وإن كان في صلاة يجهر فيها جهر الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا أمن الإمام فأمنوا } ولو لم يجهر به لما علق تأمين المأموم عليه ، ولأنه تابع للفاتحة فكان حكمه حكمها في الجهر كالسورة ) .

                                      ( وأما المأموم فقد قال في الجديد لا يجهر ، وقال في القديم : يجهر فمن أصحابنا من قال على قولين :

                                      ( أحدهما ) يجهر لما روى عطاء " أن ابن الزبير كان يؤمن ويؤمنون وراءه حتى إن للمسجد للجة " :

                                      ( والثاني ) لا يجهر ; لأنه ذكر مسنون في الصلاة فلا يجهر به المأموم كالتكبيرات ومنهم من قال : إن كان المسجد صغيرا يبلغهم تأمين الإمام لا يجهر ; لأنه لا يحتاج إلى الجهر به ، وإن كان كبيرا جهر ; لأنه يحتاج إلى جهر للإبلاغ ، وحمل القولين على هذين الحالين ، فإن نسي الإمام التأمين أمن المأموم وجهر به ليسمع الإمام فيأتي به )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) الذي أختاره : أقدم الأحاديث الواردة في التأمين فيحصل منها بيان ما ذكره المصنف وغيره ، وما يحتاج إلى الاستدلال به فيما نذكره من الأحكام إن شاء الله تعالى ، فمن ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق [ ص: 328 ] تأمينه تأمين الملائكة غفر الله له ما تقدم من ذنبه } رواه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والترمذي هكذا ، وعن أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قال أحدكم آمين ، قالت الملائكة في السماء آمين ، فإن وافقت إحداهما الأخرى غفر الله له ما تقدم من ذنبه } رواه البخاري ومسلم وزاد مسلم في رواية له " إذا قال الإمام : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقولوا : آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري ، ولفظ مسلم { إذا قال القارئ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقال من خلفه : آمين فوافق قوله قول أهل السماء غفر له ما تقدم من ذنبه } وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا أمن القارئ فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } رواه البخاري في كتاب الدعوات من صحيحه .

                                      وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال : { سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقال : آمين ، مد بها صوته } رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن وفي رواية أبي داود " رفع بها صوته " وإسناده حسن كل رجاله ثقات إلا محمد بن كثير العبدي جرحه ابن معين ووثقه غيره وقد روى له البخاري وناهيك به شرفا وتوثيقا له وهكذا رواه سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن عنبس عن وائل بن حجر ورواه شعبة عن سلمة فاختلف عليه فيه فرواه عنه أبو الوليد الطيالسي كذلك ورواه عنه أبو داود الطيالسي وقال فيه " قال : آمين خفض بها صوته " ورواه الأكثرون عن سلمة بإسناده " قالوا يرفع بها صوته " .

                                      قال البخاري في تاريخه : أخطأ شعبة إنما هو جهر بها ، وقال الترمذي : قال البخاري حديث سفيان أصح في هذا من حديث شعبة قال : وأخطأ فيه شعبة قال الترمذي : وكذلك قال أبو زرعة الرازي عن أبي هريرة قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته فقال آمين } رواه أبو داود والدارقطني ، وقال : هذا إسناد حسن ، وهذا لفظه وقال الحاكم أبو عبد الله : هذا حديث صحيح . [ ص: 329 ] وفي رواية أبي داود { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال : آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول } رواه ابن ماجه وزاد " فيرتج بها المسجد " .

                                      وقال الشافعي في الأم : " أخبرنا الحكم بن أبي خالد عن ابن جريج عن عطاء قال : كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون : آمين ومن خلفهم : آمين حتى إن للمسجد للجة ، وذكر البخاري في صحيحه هذا الأثر عن ابن الزبير تعليقا فقال : وقال عطاء : آمين دعاء ، أمن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة " وقد قدمنا أن تعليق البخاري إذا كان بصيغة جزم مثل هذا ، كان صحيحا عنده وعند غيره . هذا مختصر ما يتعلق بأحاديث الفصل .

                                      وأما لغاته ففي آمين لغتان مشهورتان ( أفصحهما ) وأشهرهما وأجودهما عند العلماء آمين بالمد بتخفيف الميم وبه جاءت روايات الحديث ، والثانية أمين بالقصر وبتخفيف الميم حكاها ثعلب وآخرون ، وأنكرها جماعة على ثعلب وقالوا : المعروف المد وإنما جاءت مقصورة في ضرورة الشعر ، وهذا جواب فاسد ; لأن الشعر الذي جاء فيها فاسد من ضرورية القصر .

                                      وحكى الواحدي لغة ثالثة آمين بالمد والإمالة مخففة الميم ، وحكاها عن حمزة والكسائي وحكى الواحدي آمين بالمد أيضا وتشديد الميم ، قال : روي ذلك عن الحسن البصري والحسين أبي الفضل قال : ويؤيده أنه جاء عن جعفر الصادق أن تأويله قاصدين إليك وأنت الكريم من أن تخيب قاصدا .

                                      وحكى لغة الشد أيضا القاضي عياض وهي شاذة منكرة مردودة ، ونص ابن السكيت وسائر أهل اللغة على أنها من لحن العوام ، ونص أصحابنا في كتب المذهب على أنها خطأ .

                                      قال القاضي حسين في تعليقه : لا يجوز تشديد الميم قالوا : وهذا أول لحن سمع من الحسين بن الفضل البلخي حين دخل خراسان ، وقال صاحب التتمة : لا يجوز التشديد فإن شدد متعمدا بطلت صلاته ، وقال الشيخ أبو محمد الجويني في التبصرة والشيخ نصر المقدسي لا تعرفه العرب وإن كانت الصلاة لا تبطل به لقصده الدعاء وهذا أجود من قول صاحب التتمة . [ ص: 330 ]

                                      قال أهل العربية : آمين موضوعة موضع اسم الاستجابة . كما أن صه موضوعة للسكوت قالوا : وحق آمين الوقف . ; لأنها كالأصوات فإن حركها محرك ووصلها بشيء بعدها فتحها لالتقاء الساكنين قالوا : وإنما لم تكسر لثقل الحركة بعد الياء كما فتحوا أين وكيف ، واختلف العلماء في معناها ( فقال ) الجمهور من أهل اللغة والغريب والفقه : معناه اللهم استجب ( وقيل ) ليكن كذلك ( وقيل ) افعل ( وقيل ) لا تخيب رجاءنا ( وقيل ) لا يقدر على هذا غيرك ( وقيل ) هو طابع الله على عباده يدفع به عنهم الآفات ( وقيل ) هو كنز من كنوز العرش لا يعلم تأويله إلا الله ( وقيل ) هو اسم الله تعالى ، وهذا ضعيف جدا وقيل غير ذلك .

                                      قوله ( حتى إن للمسجد للجة ) هي بفتح اللامين وتشديد الجيم ، وهو اختلاط الأصوات ، وقوله ( لأنه تابع للفاتحة فكان حكمه في الجهر حكمها ) احترز بقوله تابع ، عن دعاء الافتتاح ، وقوله ; لأنه ذكر مسنون في الصلاة فلا يجهر به المأموم قال القلعي : قوله في الصلاة احتراز من الأذان ، قال : وقوله مسنون غير مؤثر فلو حذفه لم تنتقض العلة وإنما أتى به لتقريب الشبه بين الأصل والفرع ، وقوله : وإن نسي الإمام التأمين أمن المأموم ، كان ينبغي أن يقول : وإن ترك الإمام التأمين ليتناول تركه عامدا وناسيا فإن الحكم لا يختلف بذلك كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى ، وكذلك قال الشافعي في الأم : فإن تركه .

                                      وأما عطاء الراوي هنا عن ابن الزبير فهو عطاء بن أبي رباح ، وقد ذكرنا أحواله في باب الحيض ، وأما ابن الزبير فهو أبو خبيب - بضم الخاء المعجمة - ويقال له أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم وهو أول مولود ولد للمسلمين بعد الهجرة ، ولد بعد عشرين شهرا من الهجرة وقيل في السنة الأولى منها ، كان صواما قواما وصولا للرحم فصيحا شجاعا ، ولي الخلافة سبع سنين وقتله الحجاج بمكة سنة ثلاث وسبعين ، وقيل : سنة ثنتين وسبعين رضي الله عنه والله أعلم .

                                      ( أما أحكام الفصل ) ففيه مسائل ( إحداها ) التأمين سنة لكل مصل فرغ من الفاتحة سواء الإمام والمأموم ، والمنفرد ، والرجل والمرأة والصبي ، والقائم [ ص: 331 ] والقاعد والمضطجع والمفترض والمتنفل في الصلاة السرية والجهرية ولا خلاف في شيء من هذا عند أصحابنا .

                                      قال أصحابنا : ويسن التأمين لكل من فرغ من الفاتحة سواء كان في صلاة أو خارجها . قال الواحدي : لكنه في الصلاة أشد استحبابا ( الثانية ) إن كانت الصلاة سرية أسر الإمام وغيره بالتأمين تبعا للقراءة وإن كانت جهرية وجهر بالقراءة استحب للمأموم الجهر بالتأمين بلا خلاف ، نص عليه الشافعي واتفق الأصحاب عليه للأحاديث السابقة ، وفي تعليق القاضي حسين إشارة إلى وجه فيه وهو غلط من الناسخ أو المصنف بلا شك ، وأما المنفرد فقطع الجمهور بأنه يسن له الجهر بالتأمين كالإمام ، ممن صرح به البندنيجي والمحاملي في كتابيه المجموع والمقنع والشيخ نصر وصاحب العدة والبغوي وصاحب البيان والرافعي وغيرهم . وفي تعليق القاضي حسين أنه يسر به وهو شاذ ضعيف .

                                      وأما المأموم فقد قال المصنف وجمهور الأصحاب : قال الشافعي في الجديد : لا يجهر ، وفي القديم يجهر ، وهذا أيضا غلط من الناسخ أو من المصنف بلا شك ; لأن الشافعي قال في المختصر وهو من الجديد : يرفع الإمام صوته بالتأمين ويسمع من خلفه أنفسهم .

                                      وقال في الأم : يرفع الإمام بها صوته فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم ، ولا أحب أن يجهروا ، فإن فعلوا فلا شيء عليهم ، هذا نصه بحروفه ، ويحتمل أن يكون القاضي حسين رأى فيه نصا في موضع آخر من الجديد . ثم للأصحاب في المسألة طرق أصحها وأشهرها والتي قالها الجمهور أن المسألة على قولين :

                                      ( أحدهما ) يجهر :

                                      ( والثاني ) يسر . قال الماوردي : هذه طريقة أبي إسحاق المروزي وابن أبي هريرة ونقلها إمام الحرمين والغزالي في البسيط عن أصحابنا :

                                      ( والثاني ) يجهر قولا واحدا :

                                      ( والثالث ) إن كثر الجمع وكبر المسجد جهر ، وإن قلوا أو صغر المسجد أسر ( والرابع ) حكاه الإمام والغزالي وغيرهما أنه إن لم يجهر الإمام جهر وإلا فقولان ، والأصح من حيث الحجة أن الإمام يجهر به ، ممن صححه المصنف في التنبيه والغزالي في الوجيز والبغوي والرافعي وغيرهم ، وقطع به المحاملي في المقنع وآخرون ، [ ص: 332 ] وحينئذ تكون هذه المسألة مما يفتى فيها على القديم على ما سبق إيضاحه في مقدمة هذا الشرح .

                                      وهذا الخلاف إذا أمن الإمام ، أما إذا لم يؤمن الإمام فيستحب للمأموم التأمين جهرا بلا خلاف نص عليه في الأم ، واتفقوا عليه ليسمعه الإمام فيأتي به ، قال أصحابنا : سواء تركه الإمام عمدا أو سهوا ، ويستحب للمأموم الجهر ، ممن صرح بأنه لا فرق بين ترك الإمام له عمدا أو سهوا الشيخ أبو حامد في التعليق وهو مقتضى نص الشافعي في الأم فإنه قال : وإن تركه الإمام قاله من خلفه وأسمعه لعله يذكر فيقوله ولا يتركونه لتركه ، كما لو ترك التكبير والتسليم لم يكن لهم تركه . هذا نصه .

                                      ( الثالثة ) يستحب أن يقع تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } فينبغي أن يقع تأمين الإمام والمأموم والملائكة دفعة واحدة ، وممن نص على هذا من أصحابنا الشيخ أبو محمد الجويني وولده إمام الحرمين وصاحباه الغزالي في كتبه والرافعي وقد أشار إليه المصنف بقوله : وأمن المأموم معه . قالوا : فإن فاته التأمين معه أمن بعده . وقال إمام الحرمين : كان شيخي يقول : لا يستحب مقارنة الإمام في شيء إلا في هذا . قال الإمام يمكن تعليل استحباب المقارنة بأن القوم لا يؤمنون لتأمينه وإنما يؤمنون لقراءته وقد فرغت قراءته .

                                      فإن قيل : هذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : { إذا أمن الإمام فأمنوا } فجوابه أن الحديث الآخر : { إذا قال الإمام { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقولوا آمين } وكلاهما في الصحيحين كما سبق فيجب الجمع بينهما . فيحمل الأول على أن المراد إذا أراد الإمام التأمين فأمنوا ليجمع بينهما . قال الخطابي وغيره : وهذا كقولهم إذا رحل الأمير فارحلوا ، أي إذا تهيأ للرحيل فتهيئوا ليكن رحيلكم معه وبيانه في الحديث الآخر { إذا قال أحدكم آمين ، وقالت الملائكة : آمين فوافق أحدهما الآخر } فظاهره الأمر بوقوع تأمين الجميع في حالة واحدة ، فهذا جمع بين الأحاديث . وقد ذكر معناه الخطابي وغيره . [ ص: 333 ]

                                      ( فرع ) قال الشافعي في الأم : ولا يقال آمين إلا بعد أم القرآن ، فإن لم يقل لم يقضه في موضع غيره . قال أصحابنا : إذا ترك التأمين حتى اشتغل بغيره فات ولم يعد إليه . وقال صاحب الحاوي : إن ترك التأمين ناسيا فذكره قبل قراءة السورة أمن ، وإن ذكره في الركوع لم يؤمن ، وإن ذكره في القراءة فهل يؤمن ؟ فيه وجهان مخرجان من القولين فيمن نسي تكبيرات العيد حتى شرع في القراءة ، وذكر الشاشي هذين الوجهين ، وقال : الأصح لا يؤمن ، وقطع غيرهما بأنه لا يؤمن وهو ظاهر نص الشافعي الذي ذكرناه .

                                      قال البغوي فلو قرأ المأموم الفاتحة مع الإمام وفرغ منها قبل فراغه فالأولى أن لا يؤمن حتى يؤمن الإمام ، وهذا الذي قاله فيه نظر ، والمختار أو الصواب أنه يؤمن لقراءة نفسه ، ثم يؤمن مرة أخرى بتأمين الإمام . قال السرخسي في الأمالي : وإذا أمن المأموم بتأمين الإمام ثم قرأ المأموم الفاتحة أمن ثانيا لقراءة نفسه ، قال فلو فرغا من الفاتحة معا كفاه أن يؤمن مرة واحدة .

                                      ( فرع ) ذكر أصحابنا أو جماعة منهم أنه يستحب أن لا يصل لفظة آمين بقوله : ولا الضالين ، بل بسكتة لطيفة جدا ، ليعلم أن آمين ليست من الفاتحة للفصل اللطيف نظائرها في السنة وغيرها ستراها في مواضعها إن شاء الله تعالى ، وممن نص على استحباب هذه السكتة القاضي حسين في تعليقه ، وأبو الحسن الواحدي في البسيط والبغوي في التهذيب وصاحب البيان والرافعي وأما قول إمام الحرمين يتبع التأمين القراءة فيمكن حمله على موافقة الجماعة ، ويكون معناه لا يسكت طويلا . والله أعلم .

                                      ( فرع ) السنة في التأمين أن يقول آمين ، وقد تقدم بيان لغاتها وأن المختار ( آمين ) بالمد وتخفيف الميم ، وبه جاءت روايات الأحاديث . قال الشافعي في الأم : لو قال آمين رب العالمين وغير ذلك من ذكر الله تعالى كان حسنا لا تنقطع الصلاة بشيء من ذكر الله تعالى : قال : وقوله يدل على أنه لا بأس من أن يسأل العبد ربه في الصلاة كلها في الدين والدنيا .

                                      . [ ص: 334 ] فرع ) في مذاهب العلماء في التأمين قد ذكرنا : أن مذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد ، وأن الإمام والمنفرد يجهران به ، وكذا المأموم على الأصح . وحكى القاضي أبو الطيب والعبدري الجهر به لجميعهم عن طاوس وأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وداود ، وهو مذهب ابن الزبير ، وقال أبو حنيفة والثوري : يسرون بالتأمين ، وكذا قاله مالك في المأموم وعنه في الإمام روايتان . ( إحداهما ) : يسر به :

                                      ( والثانية ) : لا يأتي به ، وكذا المنفرد عنده ، ودليلنا : الأحاديث الصحيحة السابقة ، وليس لهم في المسألة حجة صحيحة صريحة ، بل احتجت الحنفية برواية شعبة وقوله : " وخفض بها صوته " .

                                      واحتجت المالكية : بأن سنة الدعاء بآمين للسامع دون الداعي ، وآخر الفاتحة دعاء فلا يؤمن الإمام ; لأنه داع . قال القاضي أبو الطيب : هذا غلط ، بل إذا استحب التأمين للسامع فالداعي أولى بالاستحباب ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية