قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=28998_31847فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون . ذكر جل وعلا في هذه الآيات الكريمة ، ثلاثة أمور : الأول : أنه دمر جميع قوم
صالح ، ومن جملتهم تسعة رهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، وذلك في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أنا دمرناهم وقومهم أجمعين ، أي : وهم قوم
صالح ثمود ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فتلك بيوتهم خاوية ، أي : خالية من السكان لهلاك جميع أهلها ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52بما ظلموا ، أي : بسبب ظلمهم الذي هو كفرهم وتمردهم وقتلهم ناقة الله التي جعلها آية لهم ، وقال بعضهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52خاوية ، أي : ساقطا أعلاها على أسفلها .
الثاني : أنه جل وعلا جعل إهلاكه قوم
صالح آية ، أي : عبرة يتعظ بها من بعدهم ، فيحذر من الكفر ، وتكذيب الرسل ، لئلا ينزل به ما نزل بهم من التدمير ، وذلك في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52إن في ذلك لآية لقوم يعلمون .
الثالث : أنه تعالى أنجى الذين آمنوا وكانوا يتقون من الهلاك والعذاب ، وهو نبي الله
صالح ومن آمن به من قومه ، وذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ، وهذه الأمور الثلاثة التي ذكرها جل وعلا هنا ، جاءت موضحة في آيات أخر .
أما إنجاؤه نبيه
صالحا ، ومن آمن به وإهلاكه
ثمود ، فقد أوضحه جل وعلا في
[ ص: 121 ] مواضع من كتابه ; كقوله في سورة "
هود " :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=66فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=67وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=68كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود [ 11 \ 66 ] - 68 ] . وآية "
هود " هذه ، قد بينت أيضا التدمير المجمل في آية " النمل " هذه ، فالتدمير المذكور في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أنا دمرناهم وقومهم أجمعين ، بينت آية "
هود " أنه الإهلاك بالصيحة ، في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=67وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين [ 11 \ 67 ] أي : وهم موتى . وأما كونه جعل إهلاكه إياهم آية ، فقد أوضحه أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى فيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=157فعقروها فأصبحوا نادمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=158فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=159وإن ربك لهو العزيز الرحيم [ 26 \ 157 - 159 ] وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أنا دمرناهم وقومهم أجمعين ، قرأه
نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : إنا دمرناهم بكسرة همزة إنا على الاستئناف ، وقرأه الكوفيون وهم :
عاصم وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أنا دمرناهم ، بفتح همزة أنا . وفي إعراب المصدر المنسبك من أن وصلتها على قراءة الكوفيين أوجه ، منها : أنه بدل من عاقبة مكرهم ، ومنها : أنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره هي ، أي : عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم .
وهذان الوجهان هما أقرب الأوجه عندي للصواب ، ولذا تركنا غيرهما من الأوجه ، والضمير في قوله : مكرهم ، وفي قوله : دمرناهم ، راجع إلى التسعة المذكورين في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وكان في المدينة تسعة رهط الآية [ 27 \ 48 ] وقوله : خاوية حال في بيوتهم ، والعامل فيه الإشارة الكامنة في معنى تلك .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=28998_31847فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ ، ثَلَاثَةَ أُمُورٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ دَمَّرَ جَمِيعَ قَوْمِ
صَالِحٍ ، وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ تِسْعَةُ رَهْطٍ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ، أَيْ : وَهُمْ قَوْمُ
صَالِحٍ ثَمُودَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً ، أَيْ : خَالِيَةً مِنَ السُّكَّانِ لِهَلَاكِ جَمِيعِ أَهْلِهَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52بِمَا ظَلَمُوا ، أَيْ : بِسَبَبِ ظُلْمِهِمُ الَّذِي هُوَ كُفْرُهُمْ وَتَمَرُّدُهُمْ وَقَتْلُهُمْ نَاقَةَ اللَّهِ الَّتِي جَعَلَهَا آيَةً لَهُمْ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52خَاوِيَةً ، أَيْ : سَاقِطًا أَعْلَاهَا عَلَى أَسْفَلِهَا .
الثَّانِي : أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ إِهْلَاكَهُ قَوْمَ
صَالِحٍ آيَةً ، أَيْ : عِبْرَةً يَتَّعِظُ بِهَا مَنْ بَعْدَهُمْ ، فَيَحْذَرُ مِنَ الْكُفْرِ ، وَتَكْذِيبِ الرُّسُلِ ، لِئَلَّا يَنْزِلَ بِهِ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ التَّدْمِيرِ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=52إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ تَعَالَى أَنْجَى الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ مِنَ الْهَلَاكِ وَالْعَذَابِ ، وَهُوَ نَبِيُّ اللَّهِ
صَالِحٌ وَمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=53وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا جَلَّ وَعَلَا هُنَا ، جَاءَتْ مُوَضَّحَةً فِي آيَاتٍ أُخَرَ .
أَمَّا إِنْجَاؤُهُ نَبِيَّهُ
صَالِحًا ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَإِهْلَاكَهُ
ثَمُودَ ، فَقَدْ أَوْضَحَهُ جَلَّ وَعَلَا فِي
[ ص: 121 ] مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ ; كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ "
هُودٍ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=66فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=67وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=68كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ [ 11 \ 66 ] - 68 ] . وَآيَةُ "
هُودٍ " هَذِهِ ، قَدْ بَيَّنَتْ أَيْضًا التَّدْمِيرَ الْمُجْمَلَ فِي آيَةِ " النَّمْلِ " هَذِهِ ، فَالتَّدْمِيرُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ، بَيَّنَتْ آيَةُ "
هُودٍ " أَنَّهُ الْإِهْلَاكُ بِالصَّيْحَةِ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=67وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ [ 11 \ 67 ] أَيْ : وَهُمْ مَوْتَى . وَأَمَّا كَوْنُهُ جَعَلَ إِهْلَاكَهُ إِيَّاهُمْ آيَةً ، فَقَدْ أَوْضَحَهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=157فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=158فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=159وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [ 26 \ 157 - 159 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ، قَرَأَهُ
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ : إِنَّا دَمَّرْنَاهُمْ بِكَسْرَةِ هَمْزَةِ إِنَّا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، وَقَرَأَهُ الْكُوفِيُّونَ وَهُمْ :
عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=51أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ ، بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنَّا . وَفِي إِعْرَابِ الْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْ أَنَّ وَصِلَتِهَا عَلَى قِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ أَوْجُهٌ ، مِنْهَا : أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ عَاقِبَةِ مَكْرِهِمْ ، وَمِنْهَا : أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَتَقْدِيرُهُ هِيَ ، أَيْ : عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ تَدْمِيرُنَا إِيَّاهُمْ .
وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ هُمَا أَقْرَبُ الْأَوْجُهِ عِنْدِي لِلصَّوَابِ ، وَلِذَا تَرَكْنَا غَيْرَهُمَا مِنَ الْأَوْجُهِ ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : مَكْرِهِمْ ، وَفِي قَوْلِهِ : دَمَّرْنَاهُمْ ، رَاجِعٌ إِلَى التِّسْعَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ الْآيَةَ [ 27 \ 48 ] وَقَوْلُهُ : خَاوِيَةً حَالٌ فِي بُيُوتِهِمْ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الْإِشَارَةُ الْكَامِنَةُ فِي مَعْنَى تِلْكَ .