الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون . أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين

                                                                                                                                                                                                                                      وما كان ربك مهلك القرى يعني القرى الكافر أهلها حتى يبعث [ ص: 234 ] في أمها أي : في أعظمها رسولا ، وإنما خص الأعظم ببعثة الرسول ، لأن الرسول إنما يبعث إلى الأشراف ، وأشراف القوم ملوكهم وإنما يسكنون المواضع التي هي أم ما حولها . وقال قتادة : أم القرى : مكة ، والرسول : محمد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يتلو عليهم آياتنا قال مقاتل : يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون أي : بظلمهم أهلكهم . وظلمهم : شركهم . وما أوتيتم من شيء أي : ما أعطيتم من مال وخير فمتاع الحياة الدنيا تتمتعون به أيام حياتكم ثم يفنى وينقضي ، وما عند الله من الثواب خير وأبقى أفضل وأدوم لأهله أفلا تعقلون أن الباقي أفضل من الفاني؟!

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أفمن وعدناه وعدا حسنا اختلف فيمن نزلت على أربعة أقوال . أحدها : أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل . والثاني : في علي وحمزة عليهما السلام ، وأبي جهل . والقولان مرويان عن مجاهد . والثالث : في المؤمن والكافر ، قاله قتادة . والرابع : في عمار والوليد بن المغيرة ، قاله السدي . [ ص: 235 ] وفي الوعد الحسن قولان . أحدهما : الجنة . والثاني : النصر .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فهو لاقيه أي : مصيبه ومدركه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا أي : كمن هو ممتع بشيء يفنى ويزول عن قريب ثم هو يوم القيامة من المحضرين فيه قولان . أحدهما : من المحضرين في عذاب الله ، قاله قتادة . والثاني : من المحضرين للجزاء ، حكاه الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية