الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الرابعة عشرة قوله تعالى : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } . فيها أربع مسائل : [ ص: 376 ] المسألة الأولى : في المراد بهذه البيوت : أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : أنها الخانات والخانكات .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنها دكاكين التجار ; قاله الشعبي .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : قال مجاهد : هي منازل الأسفار ومناجاة الرجال .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : أنها الخرابات العاطلة ; قال قتادة .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : قوله تعالى : { فيها متاع لكم } فيها ثلاثة أقوال : الأول : أنها أموال التجار . الثاني : أنها المنافع كلها . الثالث : أنها الخلاء لحاجة الإنسان .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة : قال الفقيه القاضي أبو بكر رضي الله عنه : أما من قال إنها الخانات وهي الفنادق ، والخانكات وهي المدارس للطلبة ، فإنما مشتركة بين السكان فيها والعاملين بها فلا يصح المنع ; فلا يتصور الإذن . وكذلك دكاكين التجار ، قال الشعبي : لا إذن فيها ; لأن أصحابها جاءوا ببيوعهم ، وجعلوها فيها ، وقالوا للناس هلم . فالمعنى في ذلك كله ألا يدخل في كل موضع بغير إذن إلا من كان من أهله ومن خرج عنهم فلا دخول فيه لهم .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة :

                                                                                                                                                                                                              وأما من فسر المتاع بأنه جميع الانتفاع فقد طبق المفصل ، وجاء بالفيصل ، وبين أن دخول الداخل فيها إنما هو لما له من الانتفاع ، فالطالب يدخل في الخانكات للعلم ، والساكن يدخل في الخان للمنزل فيه ، أو لطلب من نزل لحاجته إليه ، والزبون يدخل لدكان الابتياع ، والحاقن يدخل الخلاء للحاجة ، وكل يؤتى على وجهه من بابه ، فإن دخل في موضع من هذه باسمها الظاهر ولمنفعتها البادية ونيته غير ذلك فالله عليم بما أبدى ، وبما كتم ، يجازيه عليه وبما يظهره منه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية