الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل : ويتعلق بحجره أي المفلس ( أحكام ) أربعة ( أحدها تعلق حق غرمائه ) من سأل الحجر وغيره ( بماله ) الموجود والحادث بنحو إرث ; لأنه يباع في ديونهم ، فتعلقت حقوقهم به كالرهن ( فلا يصح أن يقر به ) المفلس ( عليهم ) أي الغرماء ولو كان المفلس صانعا كقصار وحائك وأقر بما في يده من المتاع لأربابه لم يقبل ويباع حيث لا بينة ويقسم ثمنه بين الغرماء ويتبع به بعد فك الحجر عنه ( أو ) أي ولا يصح أن ( يتصرف فيه ) المفلس ( بغير تدبير ) ووصية ; لأنه لا تأثير لذلك إلا بعد الموت وخروجه من الثلث وفي المستوعب : وصدقة بيسير .

                                                                          والمراد تصرفا مستأنفا كبيع وهبة ووقف وعتق وإصداق ونحوه ; لأنه محجور عليه فيه أشبه الراهن يتصرف في الرهن ; ولأنه متهم في ذلك فإن كان التصرف غير مستأنف كالفسخ لعيب فيما اشتراه قبل الحجر أو الإمضاء أو الفسخ فيما اشتراه قبله بشرط الخيار صح ; لأنه إتمام لتصرف سابق حجره فلم يمنع منه كاسترداد وديعة أودعها قبل حجره ، ولا يتقيد بالأحظ ، وتصرفه في ماله قبل الحجر عليه صحيح نصا ، ولو استغرق دينه جميع ماله ; لأنه رشيد غير محجور عليه ; ولأن سبب المنع الحجر فلا يتقدم سببه ويحرم إن أضر بغريمه ، ذكره الآمدي البغدادي .

                                                                          ( ولا ) يصح ( أن يبيعه ) المفلس أي ماله ( لغرمائه ) كلهم ( أو لبعضهم بكل الدين ) ; لأنه ممنوع من التصرف فيه فلم يصح بيعه كما لو باعه بأقل من الدين ; ولأن الحاكم لم يحجر عليه إلا لمنعه من التصرف ، والقول [ ص: 161 ] بصحة البيع يبطله ، وهذا بخلاف بيع الراهن للمرتهن ; لأنه لا نظر للحاكم فيه بخلاف مال المفلس لاحتمال غريم غيرهم وعليه فلو تصرف في استيفاء دين أو المسامحة فيه ونحوه بإذن الغرماء لم يصح ونقل المجد في شرحه أن كلام القاضي وابن عقيل يدل على صحته ونفوذه ( ويكفر هو ) أي المفلس بصوم لئلا يضر بغرمائه .

                                                                          ( و ) يكفر ( سفيه بصوم ) ; لأن إخراجها من ماله يضر به وللمال المكفر به بدل وهو الصوم فرجع إليه ، كما لو وجبت الكفارة على من لا مال له ( إلا إن فك حجره وقدر ) على مال يكفر به ( قبل تكفيره ) فكموسر لم يحجر عليه قبل لكن يأتي في الظهار أن المعتبر وقت وجوب الكفارة ( وإن تصرف ) محجور عليه لفلس ( في ذمته بشراء أو إقرار ونحوهما ) كإصداق وضمان ( صح ) لأهليته للتصرف ، والحجر يتعلق بماله لا بذمته ( ويتبع ) محجور عليه لفلس ( به ) أي بما لزمه في ذمته بعد الحجر عليه ( بعد فكه ) أي الحجر ; لأنه حق عليه منع تعلقه بماله لحق الغرماء السابق عليه ، فإذا استوفى فقد زال المعارض وعلم منه أنه لا يشارك الغرماء . ( وإن جنى ) محجور عليه لفلس جناية توجب مالا وقصاصا ، واختير المال ( شارك مجني عليه الغرماء ) لثبوت حقه على الجاني بغير اختيار المجني عليه ، ولم يرض بتأخيره ، كالجناية قبل الحجر عليه ( وقدم ) بالبناء للمفعول ( من جنى عليه قنه ) أي المفلس ( به ) أي بالقن الجاني لتعلق حقه بعينه كما يقدم على المرتهن وغيره .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية