الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 390 ] باب نكاح الرقيق ( لا يجوز نكاح العبد والأمة إلا بإذن مولاهما ) وقال مالك : يجوز للعبد لأنه يملك الطلاق فيملك النكاح . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر } ولأن في تنفيذ نكاحهما تعييبهما إذ النكاح عيب فيهما [ ص: 391 ] فلا يملكانه بدون إذن مولاهما

[ ص: 390 ]

التالي السابق


[ ص: 390 ] ( باب نكاح الرقيق )

الرقيق : العبد ، ويقال للعبيد . لما فرغ من نكاح الأحرار المسلمين شرع في بيان نكاح الأرقاء والإسلام فيهم غالب ، فلذا قدم باب نكاح المسلمين ثم أولاه نكاح الأرقاء ثم أولاه نكاح أهل الشرك . وأما ما تقدم من فصل النصراني فإنما هو في المهر من توابع مهور المسلمين والمهر من توابع النكاح فأردفه تتمة له .

( قوله لا يجوز نكاح العبد إلا بإذن سيده ) أي لا ينفذ فإنه ينعقد موقوفا عندنا وعند مالك ورواية عن أحمد ، وما نسبه إلى مالك في الكتاب وليس مذهبه .

وحاصل تقرير وجهه المذكور ملازمة بين الملكين شرعا فقد تبين بأن من ملك رفع شيء ملك وضعه وتمنع بملك رفع الضرر عن النفس ولا يملك إثباته شرعا على نفسه ولذا ملك التطبب ولم يملك أكل السم وإدخال المؤذي على البدن . والأوجه بيانها بأن ملكه الطلاق ; لأنه من خواص الآدمية فكذلك النكاح . ويجاب بما سنذكره والحديث الذي ذكره وهو قوله صلى الله عليه وسلم { أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر } رواه أبو داود والترمذي من حديث جابر وقال : حديث حسن . والعاهر الزاني .

وفي الحديث أيضا في السنن عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم قال { إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل } ( ولأن في تنفيذ نكاحهما تعييبهما ) أما في العبد فتشتغل ماليته بالمهر والنفقة ، وأما في الأمة فلحرمة الاستمتاع بها عليه بالنكاح ، وهذا تصرف في ماله بالإفساد فلا ينفذ إلا برضاه . وبهذا يجاب عن المنسوب إلى مالك من قوله يملك الطلاق فيملك النكاح ، فالطلاق إزالة عيب عن نفسه ، بخلاف النكاح . لا يقال : يصح الإقرار من العبد على نفسه بالحد والقصاص مع [ ص: 391 ] أن فيه إهلاكه فضلا عن تعييبه ; لأنا نقول : هو لا يدخل تحت ملكه فيما يتعلق به خطاب الشرع أمرا ونهيا كالصلاة والغسل والصوم والزنا والشرب وغيرها إلا فيما علم إسقاط الشارع إياه عنه كالجمعة والحج . ثم هذه الأحكام تجب جزاء على ارتكاب المحظور شرعا فقد أخرجه عن ملكه في ذلك الذي أدخله فيه باعتبار غير ذلك وهو الشارع زجرا عن الفساد وأعاظم العيوب




الخدمات العلمية