الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القراءة على الدابة

حدثنا حجاج ، حدثنا شعبة ، أخبرني أبو إياس قال : سمعت عبد الله بن مغفل ، رضي الله عنه ، [ ص: 74 ] قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح .

وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق ، عن شعبة ، عن أبي إياس ، وهو معاوية بن قرة به وهذا - أيضا - له تعلق بما تقدم من تعاهد القرآن وتلاوته سفرا وحضرا ، ولا يكره ذلك عند أكثر العلماء إذا لم يتله القارئ في الطريق ، وقد نقله ابن أبي داود عن أبي الدرداء أنه كان يقرأ في الطريق ، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه أذن في ذلك ، وعن الإمام مالك أنه كره ذلك ، كما قال ابن أبي داود : وحدثني أبو الربيع ، أخبرنا ابن وهب [ قال ] سألت مالكا عن الرجل يصلي في آخر الليل ، فيخرج إلى المسجد ، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء ، فقال : ما أعلم القراءة تكون في الطريق .

وقال الشعبي : تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن : في الحمام ، وفي الحشوش ، وفي الرحى وهي تدور . وخالفه في القراءة في الحمام كثير من السلف : أنها لا تكره ، وهو مذهب مالك والشافعي وإبراهيم النخعي وغيرهم ، وروى ابن أبي داود عن علي بن أبي طالب : أنه كره ذلك ، ونقله ابن المنذر عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، والشعبي والحسن البصري ومكحول وقبيصة بن ذؤيب ، وهو رواية عن إبراهيم النخعي ، ومحكي عن أبي حنيفة ، رحمهم الله ، أن القراءة في الحمام تكره وأما القراءة في الحشوش فكراهتها ظاهرة ، ولو قيل بتحريم ذلك صيانة لشرف القرآن لكان مذهبا ، وأما القراءة في بيت الرحى وهي تدور فلئلا يعلو غير القرآن عليه ، والحق يعلو ولا يعلى ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية