الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1419 ] سياق

                    ما روي في ترتيب خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه

                    2548 - أنا علي بن أحمد بن عبدان قال : نا أحمد بن عبيد بن إسماعيل قال : نا إسماعيل بن إسحاق قال : نا عبد الله بن محمد بن أسماء ابن أخي جويرية قال : ثنا جويرية ، عن مالك ، عن الزهري ، أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن المسور بن مخرمة أخبره :

                    أن الرهط الذي ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا ، فقال لهم عبد الرحمن بن عوف : " لست بالذي أنافسكم هذا الأمر ، ولكنكم إن شئتم أجزت لكم " . فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف ، فلما ولوا عبد الرحمن بن عوف أمرهم انثال الناس على عبد الرحمن ، فمالوا عليه حتى ما أرى أحدا في الأرض من الناس يتبع أحدا من أولئك الرهط ، [ ص: 1420 ] ولا يطأ عقبه ، فمال الناس على عبد الرحمن يشاورونه ويناجونه تلك الليلة ، حتى إذا كانت تلك الليلة التي أصبحنا فيها ، فبايعنا عثمان قال المسور : طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل ، فضرب الباب ، فاستيقظت ، فقال : " لا أراك نائما ، فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم فادع الزبير " ، فدعوته ، فناجاه حتى إبهار الليل ، ثم قام من عنده على طمع ، وكان عبد الرحمن يخفي من علي شيئا ، ثم قال : " ادع عثمان " ، فناجاه طويلا ، حتى فرق بينهم المؤذن بالصبح ، فلما صلى الناس الصبح جمع أولئك الرهط عند المنبر ، فأرسل عبد الرحمن إلى من كان خلفنا من المهاجرين والأنصار ، وأرسل إلى الأمراء ، وكان قد وافوا تلك الحجة مع عمر ، فلما اجتمعوا تشهد فقال : " أما بعد ، فإني قد نظرت في أمر الناس ، فلم أرهم يعدلون بعثمان ، فلا تجعلن على نفسك سبيلا " ، وأخذ بيد عثمان ، وقال : " على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده " ، فبايعه عبد الرحمن ، وبايعه الناس من المهاجرين والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمين

                    أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن محمد بن أسماء .

                    2549 - أنا محمد بن أحمد بن سهل قال : أنا محمد بن أحمد بن الحسن الشرقي قال : نا محمد بن نصر الصايغ قال : نا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري قال : نا عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن ، عن عمر بن شريح ، ومحمد بن عبد العزيز بن عمير بن عبد الرحمن بن عوف ، عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن المسور ، عن المسور بن مخرمة قال :

                    " كنت أعلم الناس بأمر الشورى؛ لأني كنت رسول عبد الرحمن [ ص: 1421 ] بن عوف ، فلما كانت ليلة الثالثة ، وعبد الرحمن في دار القضاء ، قد جاءت الأنصار من دورها ، فالمسجد كالرمانة ينظرون ما كان في صباح ذلك اليوم ، فكلمه سعد ، فقال : " يا أبا محمد ما كان أحق بهذا الأمر منك " . قال : " إنك يا سعد تحب أن يقال : ابن عمه خليفة ، وإنك يا مسور تحب أن يقال : خاله خليفة ، والله لأن تؤخذ مدية - فأشار إلى لبته - فتوضع هاهنا - ومر بيده إلى لبته - أحب إلي من أن ألي من أمر الناس شيئا " . فقام سعد إلى بيته ، فقال : " يا أبا إسحاق ، اشهد الصبح ، والبس السيف " . قال : ودعاني عبد الرحمن ، وقال : " اذهب إلى علي وعثمان فائتني بهما " . قال : وكان هواي في علي فأحببت أن أعلم ما في نفسه ، فقلت : بأيهما أبدأ ؟ قال : " بأيهما شئت " . قال : فقلت : آتيك بهما جميعا أو فرادى ؟ قال : " لا بل جميعا " . قال عبدان لعلي : فكان هواي فيه ، فقلت : أرسلني إليك خالي قال : " أرسلك معي إلى غيري ؟ " فقلت : نعم إلى عثمان . قال : " بأينا أمرك أن تبدأ " ؟ قلت : قد سألته قال : بأيهما شئت ، فبدأت بك . فقال : " جميعا أو فرادى ؟ " . قال : لا ، بل جميعا . قال : فقعد علي على موضع الجنائز ، وقال : " اذهب إلى صاحبك " . قال : فخرجت إلى عثمان فوجدته يوتر في بيت شيبة بن ربيعة ، فخرج إلي عثمان عاقدا إزاره في عنقه في آخر الليل ، فقلت : إن خالي أرسلني إليك ، فقال : هل أرسلك معي إلى غيري ؟ قلت : نعم ، إلى علي ، فسألته بأيهما أبدأ ، فقال : بأيهما شئت ، وقد بدأت بعلي ، وهو ينتظرك في موضع الجنائز ، فخرجت أنا وعثمان حتى جئنا عليا ، ثم خرجنا ثلاثتنا حتى جئنا عبد الرحمن في مجلسه . قال : وكان عبد الرحمن لا يتكلف الكلام ولا الخطب قال : فما رأيته خطب قبل تلك الليلة قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال في قوله : " إني قلبت الناس عنكما فأشيرا علي ، وأعيناني على أنفسكما ، هل [ ص: 1422 ] أنت يا علي مبايعي على سنة الله ورسوله ، وبعهد الله وميثاقه ، وسنة الماضيين قبل ؟ " قال : " لا ، ولكن أبايعك على طاقتي " . قال : فصمت شيئا ثم تكلم ما دون الكلام الأول ، ثم قال في قوله : إني قلبت الناس عنكما فأشيرا علي وأعيناني على أنفسكما هل أنت يا علي مبايعي على إن وليتك هذا الأمر على سنة الله ورسوله ، وبعهد الله وميثاقه ، وسنة الماضيين قبل ؟ قال : لا ، ولكن على طاقتي .

                    ثم قال عثمان : " يا أبا محمد أبايعك على إن وليتني هذا الأمر على سنة الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبعهد الله وميثاقه ، وسنة الماضيين قبل " . قالها عثمان في الثالثة : ثم كانت الثالثة ، فقال علي : " اسمع أبا عبد الله " . قال : " فما ترى وعسى أن يجعل في ذلك خيرا " . قال : " فأحب أن تقوما عني . قال : ما شئتما أو إن شئتما " . فقاما عنه ، فقال عبد الرحمن : فاعتم ولبس السيف ، ثم خرج إلى المسجد فصعد ، ولا أشك أنه يبايع لعلي لما رأيت حرصه على علي . قال : فلما صليت الصبح رقى عبد الرحمن على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم أرسل إلى عثمان ، وهو حجرة من الناس ما هو بقريب ، فقال : " ادن " ، فبايعه على سنة الله ، وسنة رسوله ، وبعهد الله وميثاقه ، فعرفت أن خالي قد كان أصوب رأيا ، أشكل عليه رجلان ، فأعطاه أحدهما الوثقى ، وأبى الآخر .

                    2550 - أنا محمد بن أحمد بن علي بن حامد الطبري ، أنا أحمد بن السري قال : نا يعقوب بن سفيان قال : نا إسماعيل بن أبي أويس قال : حدثني أبي قال : أخبرني محمد بن مسلم ، أن سعيد بن المسيب أخبره عن سعد بن أبي وقاص؛ [ ص: 1423 ] أنه أرسل إلى عبد الرحمن بن عوف : " ارفع رأسك ، وانظر في أمور الناس " . فقال عبد الرحمن : " إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس " .

                    2551 - أنا أحمد بن محمد الجراح قال : نا إبراهيم بن حماد الشامي قال : نا الحارث بن محمد قال : نا \ح\ :

                    2552 - وأنا أحمد قال : أخبرني عبد الصمد بن علي قال : نا الحارث بن محمد قال : نا محمد بن سعيد قال : نا محمد بن عمر قال : نا أفلح بن سعيد بن كعب قال : قال عبد الرحمن بن عوف : " والله ما بايعت لعثمان حتى سألت صبيان الكتاب ، فقالوا : عثمان خير من علي " .

                    2553 - وأنا أحمد ، أنا إبراهيم بن حماد قال : نا أحمد بن سعد أبو إبراهيم الزهري قال : سمعت يحيى بن بكير يقول : سمعت الليث بن سعد يقول : قال عبد الرحمن بن عوف : لقد شاورت في الشورى ، حتى شاورت . . . . فكل يقول : " عثمان " .

                    2554 - أنا علي بن عمر قال : نا محمد بن جعفر المقري قال : نا أحمد بن سعيد قال : نا أبو نعيم قال : نا أبو إسحاق ، عن حارثة بن مضرب قال : حججت مع عمر بن الخطاب قال : سمعت الحادي يحدو : إن الأمير بعده ابن عفان .

                    2555 - أنا عبيد الله بن محمد بن أحمد قال : نا عثمان ، نا [ ص: 1424 ] حنبل ، نا حجاج قال : نا عبد الله بن داود ، عن مسعر ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة ، عن عبد الله بن مسعود قال : لما أمر عثمان قال عبد الله بن مسعود : " لقد أمرنا خير من بقي ولم نأل " .

                    2556 - أنا عبيد الله ، أنا عثمان ، نا حنبل ، نا الحجاج بن المنهال ، نا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي وائل :

                    أن ابن مسعود سار من المدينة إلى الكوفة ثمانية أميال حين قتل عمر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد ، فإن أمير المؤمنين قد مات " ، فلم نر نشيجا أكثر من يومئذ ، " ثم اجتمعنا أصحاب محمد ، فلم نأل عن خيرنا ذا قوة عثمان بن عفان ، فبايعناه ، فبايعوه " .

                    2557 - أنا محمد بن أحمد بن سهل ، نا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ، نا محمد بن بشر أخو خطاب قال : نا خالد بن خداش قال : سمعت حماد بن زيد يقول :

                    " لئن قدمت عليا على عثمان ، لقد قلت إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد خانوا " .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية