الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                              [ ص: 37 ] سورة الفرقان

                                                                                                                                                                                              قوله تعالى: أو يلقى إليه كنـز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا

                                                                                                                                                                                              قال ابن الجوزي في "المقتبس ": سمعت الوزير يقول في قوله تعالى: أو يلقى إليه كنـز أو تكون له جنة قال: العجب كل العجب لجهلهم حين أرادوا أن يلقى إليه كنز أو يكون له جنة . ولو فهموا علموا أن كل الكنوز له وجميع الدنيا ملكه . أوليس قد قهر أرباب الكنوز، وحكم في جميع الملوك؟ وكان من تمام معجزته أن الأموال لم تفتح عليه في زمنه; لئلا يقول قائل: قد جرت العادة بأن إقامة الدول، وقهر الأعداء بكثرة الأموال . فتمت المعجزة بالغلبة والقهر من غير مال، ولا كثرة أعوان، ثم فتحت الدنيا على أصحابه، ففرقوا ما جمعه الملوك بالشره، فأخرجوه فيما خلق له، لم يمسكوه إمساك الكافرين، ليعلموا الناس بإخراج ذلك المال: أن لنا دارا سوى هذه، ومقرا غير هذا .

                                                                                                                                                                                              وكان من تمام المعجزات للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه لما جاءهم بالهدى فلم يقبل، سل السيف على الجاحد، ليعلمه أن الذي ابتعثني قاهر بالسيف بعد القهر بالحجج .

                                                                                                                                                                                              ومما يقوي صدقه أن قيصر وكبار الملوك لم يوفقوا للإيمان به; لئلا [ ص: 38 ] يقول قائل: إنما ظهر لأن فلانا الملك تعصب له فتقوى به، فبان أن أمره من السماء لا بنصرة أهل الأرض .

                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية