الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ما جاء فيما يجمع مما يباع من مال صاحب الدين .

( قال الشافعي ) رحمه الله : ولا ينبغي للحاكم أن يأمر من يبيع مال الغريم حتى يحضره ويحضر من حضر من غرمائه فيسألهم فيقول ارتضوا بمن أضع ثمن ما بعت على غريمكم لكم حتى أفرقه عليكم [ ص: 213 ] وعلى غريم إن كان له حق معكم فإن اجتمعوا على ثقة لم يعده ، وإن اجتمعوا على غير ثقة لم يقبله ; لأن عليه أن لا يولي إلا ثقة ; لأن ذلك مال الغريم حتى يقضي عنه ، ولو فضل منه فضل كان له ، ولو كان فيه نقص كان عليه ، ولعله يطرأ عليه دين لغيرهم كبعض من لم يرض بهذا الموضوع على يديه ، وإن تفرقوا فدعوا إلى ثقتين ضمهما . قال : وكذلك أكثر إذا قبلوا ، ولم يكن منهم أحد يطلب على ذلك جعلا ، وإن طلبوا جعلا جعله إلى واحد ليكون أقل في الجعل ، وكان عليه أن يختار خيرهم لهم ولغائب إن كان معهم ويقول للغرماء : أحضروه فأحصوا أو وكلوا من شئتم ويقول ذلك للذي عليه الدين ويطلب أن يكون الموضوع على يديه المال ضامنا بأن يسلفه سلفا حالا فإن فعل لم يجعله أمانة وهو يجد السبيل إلى أن يكون مضمونا ، وإن وجد ثقة مليا يضمنه ووجد أوثق منه لا يضمنه دفعه إلى الذي ضمنه ، وإن لم يدعوا إلى أحد أو دعوا إلى غير ثقة اختار لهم .

قال وأحب إلي فيمن ولي هذا أن يرزق من بيت المال فإن لم يكن لم يجعل له شيئا حتى يشارطوه هم فإن لم يتفقوا اجتهد لهم فلم يعطه شيئا وهو يجد ثقة يقبل أقل منه وهكذا يقول لهم فيمن يصيح على ما يباع عليه بمن يزيد ، وفي أحد إن كال منه طعاما أو نقله إلى موضع بسوق وكل ما فيه صلاح المبيع إن جاء رب المال أو هم بمن يكفي ذلك لم يدخل عليهم غيرهم ، وإن لم يأتوا استأجر عليه من يكفيه بأقل ما يجد ، وإذا بيع مال المفلس لغريم بعينه أو غرماء بأعيانهم فسواء هم ومن ثبت معهم حقا عليه قبل أن يقسم المال ، ولا ينبغي أن يدفع من ماله شيئا إلى من اشتراه إلا بعد أن يقبض منه الثمن ، وإن وقف على يدي عدل أو يدي البائع حتى يأتي المشتري بالثمن فهلك فمن مال المفلس لا يضمنه المشتري حتى يقبضه فإن قبضه المشتري مكانه ، ولم يعلم البائع ثم هرب أو استهلكه فأفلس فذلك من مال المفلس لا من مال أهل الدين ، وكذلك إن قبض العدل ثمن ما اشترى أو بعضه فلم يدفعه إلى الغرماء حتى هلك فمن مال المفلس لا يكون من مال الغرماء حتى يقبضوه والعهدة فيما باع على المفلس ; لأنه بيع له ملكه في حق لزمه فهو بيع له وعليه وأحق الناس بأن تكون العهدة عليه مالك المال المبيع ، ولا يضمن القاضي ، ولا أمينه شيئا ، ولا عهدة عليهما ، ولا على واحد منهما ، وإن بيع للغريم من مال المفلس شيء ثم استحق رجع به في مال المفلس .

التالي السابق


الخدمات العلمية