الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا تزوج الذمي مسلمة حرة فرق بينهما لقوله تعالى { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } ; ولقوله صلى الله عليه وسلم { الإسلام يعلو ، ولا يعلى } فاستقر الحكم في الشرع على أن المسلمة لا تحل للكافر ، وإن كان ذلك حلالا في الابتداء فيفرق بينهما ، ويوجع عقوبة إن كان قد دخل بها ، ولا يبلغ به أربعين سوطا وتعزر المرأة والذي سعى فيما بينهما ، وفي حق الذمي لم يذكر لفظ التعزير ; لأنه ينبئ عن معنى التطهير والتوقير قال الله تعالى : { وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا } فلهذا قال : يوجع عقوبة ، وهذا لأنه أساء الأدب فيما صنع ، واستخف بالمسلمين ، وارتكب ما كان ممنوعا منه فيؤدب على ذلك ، وكان مالك بن أنس رحمه الله تعالى يقول : يقتل ; لأنه يصير بهذا ناقضا للعهد حين باشر ما ضمن في العهد أن لا يفعله فهو نظير الذمي إذا جعل نفسه طليعة للمشركين على قوله ، ولكنا نقول : كما أن المسلم بارتكاب مثله لا يصير ناقضا لأمانه فالذمي لا يصير ناقضا لأمانه فلا يقتل ، ولكن يوجع عقوبة ، وكذلك يعذر الذي سعى بينهما ; لأنه أعان على ما لا يحل ، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم { لعن الله الراشي والمرتشي والرائش } ، وهو الذي يسعى بينهما ، وإن أسلم بعد النكاح لم يترك على نكاحه ; لأن أصل النكاح كان باطلا فبالإسلام لا ينقلب صحيحا

التالي السابق


الخدمات العلمية