الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ما يطهر الأرض وما لا يطهرها

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال { دخل أعرابي المسجد فقال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تحجرت واسعا قال فما لبث أن بال في ناحية المسجد فكأنهم عجلوا عليه فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل من ماء فأهريق عليه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم علموا ويسروا ولا تعسروا } ( قال الشافعي ) أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك يقول { بال أعرابي في المسجد فعجل الناس عليه فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وقال صبوا عليه دلوا من ماء } ( قال الشافعي ) فإذا بيل على الأرض وكان البول رطبا مكانه أو نشفته الأرض وكان موضعه يابسا فصب عليه من الماء ما يغمره حتى يصير البول مستهلكا في التراب ، والماء جاريا على مواضعه كلها مزيلا لريحه فلا يكون له جسد قائم ولا شيء في معنى جسد من ريح ولا لون فقد طهر وأقل قدر ذلك ما يحيط العلم أنه كالدلو الكبير على بول الرجل وإن كثر وذلك أكثر منه أضعافا لا أشك في أن ذلك سبع مرات أو أكثر لا يطهره شيء غيره .

( قال ) فإن بال على بول الواحد آخر لم يطهره إلا دلوان ، وإن بال اثنان معه لم يطهره إلا ثلاثة وإن كثروا لم يطهر الموضع حتى يفرغ عليه من الماء ما يعلم أن قد صب مكان بول كل رجل دلو عظيم أو كبير ( قال الشافعي ) وإذا كان مكان البول خمرا صب عليه كما يصب على البول لا يختلفان في قدر ما يصب عليه من الماء فإذا ذهب لونه وريحه من التراب فقد طهر التراب الذي خالطه ( قال ) وإذا ذهب لونه ولم يذهب ريحه ففيها قولان : أحدهما لا تطهر الأرض حتى يذهب ريحه وذلك أن الخمر لما كانت الرائحة قائمة فيه فهي كاللون والجسد فلا تطهر الأرض حتى يصب عليها من الماء قدر ما يذهبه فإن ذهبت بغير صب ماء لم تطهر حتى يصب عليها من الماء قدر ما يطهر به البول ، والقول الثاني أنه إذا صب على ذلك من الماء قدر ما يطهرها وذهب اللون والريح ليس بجسد ولا لون فقد طهرت الأرض وإذا كثر ما يصب من الخمر على الأرض فهو ككثرة البول يزاد عليه من الماء كما وصفته يزاد على البول إذا كثر وكل ما كان غير جسد في هذا المعنى لا يخالفه فإن كانت جيفة على وجه الأرض فسال منها ما يسيل من الجيف فأزيل جسدها صب على ما خرج منها من الماء كما وصفته يصب على البول والخمر فإذا صب الماء فلم يوجد له عين ولا لون ولا ريح فهكذا ( قال ) وهكذا إذا كانت عليها عذرة أو دم أو جسد نجس فأزيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية