الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ( 86 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وهدينا أيضا من ذرية نوح " إسماعيل " وهو : إسماعيل بن إبراهيم " واليسع " هو اليسع بن أخطوب بن العجوز .

واختلفت القرأة في قراءة اسمه .

فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق : ( واليسع ) بلام واحدة مخففة .

وقد زعم قوم أنه " يفعل " من قول القائل : " وسع يسع " . ولا تكاد العرب تدخل " الألف واللام " على اسم يكون على هذه الصورة أعني على " يفعل " لا يقولون : " رأيت اليزيد " ولا " أتاني اليحيى " ولا " مررت باليشكر " إلا [ ص: 511 ] في ضرورة شعر ، وذلك أيضا إذا تحري به المدح ، كما قال بعضهم :


وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأحناء الخلافة كاهله



فأدخل في " اليزيد " الألف واللام ، وذلك لإدخاله إياهما في " الوليد " فأتبعه " اليزيد " بمثل لفظه .

وقرأ ذلك جماعة من قرأة الكوفيين : ( والليسع ) بلامين ، وبالتشديد ، وقالوا : إذا قرئ كذلك ، كان أشبه بأسماء العجم ، وأنكروا التخفيف . وقالوا : لا نعرف في كلام العرب اسما على " يفعل " فيه ألف ولام .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندي ، قراءة من قرأه بلام واحدة مخففة ، لإجماع أهل الأخبار على أن ذلك هو المعروف من اسمه ، دون التشديد ، مع أنه اسم أعجمي ، فينطق به على ما هو به . وإنما يعلم دخول [ ص: 512 ] " الألف واللام " فيما جاء من أسماء العرب على " يفعل " . وأما الاسم الذي يكون أعجميا ، فإنما ينطق به على ما سموا به . فإن غير منه شيء إذا تكلمت العرب به ، فإنما يغير بتقويم حرف منه من غير حذف ولا زيادة فيه ولا نقصان . و " الليسع " إذا شدد ، لحقته زيادة لم تكن فيه قبل التشديد . وأخرى ، أنه لم يحفظ عن أحد من أهل العلم علمنا أنه قال : اسمه " ليسع " . فيكون مشددا عند دخول " الألف واللام " اللتين تدخلان للتعريف .

و " يونس " هو : يونس بن متى " ولوطا وكلا فضلنا " من ذرية نوح ونوحا ، لهم بينا الحق ووفقناهم له ، وفضلنا جميعهم " على العالمين " يعني : على عالم أزمانهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية