الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والشجرة الملعونة في القرآن

والشجرة عطف على الرؤيا ، أي ما جعلنا ذكر الشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس ، وهذا إشارة إلى قوله تعالى إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون في سورة الصافات ، وقوله إن شجرة الزقوم طعام الأثيم الآية في سورة الدخان ، وقوله إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم في سورة الواقعة .

روي أن أبا جهل قال : زعم صاحبكم أن نار جهنم تحرق الحجر ، ثم يقول بأن في النار شجرة لا تحرقها النار ، وجهلوا أن الله يخلق في النار شجرة لا تأكلها النار ، وهذا مروي عن ابن عباس وأصحابه في أسباب النزول للواحدي ، وتفسير الطبري ، وروي أن ابن الزبعرى قال : الزقوم : التمر بالزبد بلغة اليمن ، وأن أبا جهل أمر جارية فأحضرت تمرا وزبدا ، وقال لأصحابه : تزقموا ، فعلى هذا التأويل فالمعنى : أن شجرة الزقوم سبب فتنة كفرهم وانصرافهم عن الإيمان ، ويتعين أن يكون معنى جعل شجرة الزقوم فتنة على هذا الوجه أن ذكرها كان سبب فتنة بحذف مضاف وهو ذكر بقرينة قوله الملعونة في القرآن ; لأن ما وصفت به في آيات القرآن لعن لها .

ويجوز أن يكون المعنى : أن إيجادها فتنة ، أي عذاب مكرر ، كما قال إنا جعلناها فتنة للظالمين .

[ ص: 148 ] والملعونة : أي المذمومة في القرآن في قوله طعام الأثيم وقوله طلعها كأنه رءوس الشياطين وقوله ( كالمهل تغلي في البطون كغلي الحميم ) ، وقيل معنى الملعونة : أنها موضوعة في مكان اللعنة ، وهي الإبعاد من الرحمة ; لأنها مخلوقة في موضع العذاب ، وفي الكشاف : قيل تقول العرب لكل طعام ضار : ملعون .

التالي السابق


الخدمات العلمية