الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 12 ] ثم دخلت سنة تسع وخمسين وأربعمائة فيها بنى أبو سعيد المستوفي الملقب بشرف الملك ، مشهد الإمام أبي حنيفة النعمان ببغداد ، وعقد عليه قبة ، وعمل بإزائه مدرسة ، وأنزلها المدرس والفقهاء ، فدخل أبو جعفر ابن البياضي زائرا لأبي حنيفة فأنشد ارتجالا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر أن العلم كان مضيعا فجمعه هذا المغيب في اللحد     كذلك كانت هذه الأرض ميتة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فأنشرها جود العميد أبي السعد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي شعبان هبت ريح حارة فمات بسببها خلق كثير ودواب ببغداد ، وأتلفت شجرا كثيرا من الليمون والأترج .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها احترق قبر معروف الكرخي وكان سببه أن القيم طبخ له ماء الشعير لمرضه فتعدت النار إلى الأخشاب فاحترق المشهد بكماله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وقع غلاء وفناء بدمشق وحلب وحران وخراسان بكمالها ووقع الفناء في الدواب ; كانت تنتفخ رءوسها وأعينها حتى كان الناس يأخذون حمر الوحش بالأيدي ولكن يأنفون من أكلها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي في المنتظم : وفي يوم السبت عاشر ذي القعدة جمع العميد أبو سعد القاضي الناس ليحضروا الدرس بالنظامية ببغداد ، وعين [ ص: 13 ] لتدريسها ومشيختها الشيخ أبا إسحاق الشيرازي ، فلما تكامل اجتماع الناس ، وجاء أبو إسحاق ليدرس ، لقيه فقيه شاب ، فقال : يا سيدي تذهب تدرس في مكان مغصوب؟ فامتنع من الحضور ورجع إلى بيته فأقيم الشيخ أبو نصر بن الصباغ فدرس ، فلما بلغ نظام الملك ذلك تغيظ على العميد وأرسل إلى الشيخ أبي إسحاق فرده إلى التدريس بالنظامية في ذي الحجة من هذه السنة ، وكان لا يصلي فيها مكتوبة ، بل يخرج إلى بعض المساجد فيؤدي المكتوبة ; لما ذكر من كونها في بعض أرضها غصب ، وقد كانت مدة تدريس ابن الصباغ عشرين يوما ، ثم عاد الشيخ أبو إسحاق إليها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ذي القعدة من هذه السنة قتل الصليحي أمير اليمن وصاحب مكة قتله بعض أمراء اليمن وخطب للقائم بأمر الله العباسي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة أبو الغنائم النقيب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية