(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=68ولهديناهم صراطا مستقيما ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=68ولهديناهم صراطا مستقيما )
اعلم أن هذه الآية متصلة بما تقدم من أمر المنافقين وترغيبهم في
nindex.php?page=treesubj&link=30571_19696الإخلاص وترك النفاق ، والمعنى أنا لو شددنا التكليف على الناس ، نحو أن نأمرهم بالقتل والخروج عن الأوطان لصعب ذلك عليهم ولما فعله إلا الأقلون ، وحينئذ يظهر كفرهم وعنادهم ، فلما لم نفعل ذلك رحمة منا على عبادنا بل اكتفينا بتكليفهم في الأمور السهلة ، فليقبلوها بالإخلاص وليتركوا التمرد والعناد حتى ينالوا خير الدارين ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي : " أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم " بضم النون في " أن " وضم واو " أو " والسبب فيه نقل ضمة " اقتلوا " وضمة " اخرجوا " إليهما ، وقرأ
عاصم وحمزة بالكسر فيهما لالتقاء الساكنين ، وقرأ
أبو عمرو بكسر النون وضم الواو ، وقال
الزجاج : ولست أعرف لفصل
أبي عمرو بين هذين الحرفين خاصية إلا أن يكون رواية . وقال غيره : أما كسر النون فلأن الكسر هو الأصل لالتقاء الساكنين ، وأما ضم الواو فلأن الضمة في الواو أحسن لأنها تشبه واو الضمير . واتفق الجمهور
[ ص: 134 ] على الضم في واو الضمير نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16اشتروا الضلالة ) [ البقرة : 16 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237ولا تنسوا الفضل ) [ البقرة : 237 ] .
المسألة الثانية : الكناية في قوله : ( ما فعلوه ) عائدة إلى القتل والخروج معا ، وذلك لأن الفعل جنس واحد وإن اختلفت ضروبه ، واختلف القراء في قوله : ( إلا قليل ) فقرأ
ابن عامر " قليلا " بالنصب ، وكذا هو في مصاحف أهل
الشام ومصحف
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، والباقون بالرفع ، أما من نصب فقاس النفي على الإثبات ، فإن قولك : ما جاءني أحد كلام تام ، كما أن قولك : جاءني القوم كلام تام فلما كان المستثنى منصوبا في الإثبات فكذا مع النفي ، والجامع كون المستثنى فضلة جاءت بعد تمام الكلام ، وأما من رفع فالسبب أنه جعله بدلا من الواو في ( فعلوه ) وكذلك كل مستثنى من منفي ، كقولك : ما أتاني أحد إلا زيد ، برفع زيد على البدل من أحد ، فيحمل إعراب ما بعد " إلا " على ما قبلها . وكذلك في النصب والجر ، كقولك : ما رأيت أحدا إلا زيدا ، وما مررت بأحد إلا زيد . قال
أبو علي الفارسي : الرفع أقيس ، فإن معنى ما أتى أحد إلا زيد ، وما أتاني إلا زيد واحد ، فكما اتفقوا في قولهم ما أتاني إلا زيد على الرفع وجب أن يكون قولهم : ما أتاني أحد إلا زيد بمنزلته .
المسألة الثالثة : الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66ولو أنا كتبنا عليهم ) فيه قولان :
الأول : وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد أنه عائد إلى المنافقين ، وذلك لأنه تعالى كتب على
بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ، وكتب على
المهاجرين أن يخرجوا من ديارهم ، فقال تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28842_30571ولو أنا كتبنا القتل والخروج عن الوطن على هؤلاء المنافقين ما فعله إلا قليل رياء وسمعة ، وحينئذ يصعب الأمر عليهم وينكشف كفرهم ، فإذا لم نفعل ذلك بل كلفناهم بالأشياء السهلة فليتركوا النفاق وليقبلوا الإيمان على سبيل الإخلاص ، وهذا القول اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=13719أبي بكر الأصم وأبي بكر القفال .
الثاني : أن المراد لو كتب الله على الناس ما ذكر لم يفعله إلا قليل منهم ، وعلى هذا التقدير دخل تحت هذا الكلام المؤمن والمنافق ، وأما الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به ) فهو مختص بالمنافقين ، ولا يبعد أن يكون أول الآية عاما وآخرها خاصا ، وعلى هذا التقدير يجب أن يكون المراد بالقليل المؤمنين ، روي أن ثابت بن قيس بن شماس ناظر يهوديا ، فقال اليهودي : إن
موسى أمرنا بقتل أنفسنا فقبلنا ذلك ، وإن
محمدا يأمركم بالقتال فتكرهونه ، فقال : يا أنت لو أن
محمدا أمرني بقتل نفسي لفعلت ذلك ، فنزلت هذه الآية .
وروي أن
ابن مسعود قال مثل ذلك ، فنزلت هذه الآية . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "
والذي نفسي بيده إن من أمتي رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : والله لو أمرنا ربنا بقتل أنفسنا لفعلنا والحمد لله الذي لم يأمرنا بذلك .
المسألة الرابعة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13980أبو علي الجبائي : لما دلت هذه الآية على أنه تعالى لم يكلفهم ما يغلظ ويثقل عليهم ، فبأن لا يكلفهم ما لا يطيقون كان أولى ، فيقال له : هذا لازم عليك لأن ظاهر الآية يدل على أنه تعالى إنما لم يكلفهم بهذه الأشياء الشاقة ، لأنه لو كلفهم بها لما فعلوها ، ولو لم يفعلوها لوقعوا في العذاب ، ثم إنه تعالى علم من
أبي جهل وأبي لهب أنهم لا يؤمنون ، وأنهم لا يستفيدون من التكليف إلا العقاب الدائم ، ومع ذلك فإنه تعالى كلفهم ، فكل ما تجعله جوابا عن هذا فهو جوابنا عما ذكرت .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=68وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=67وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=68وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا )
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُتَّصِلَةٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِ الْمُنَافِقِينَ وَتَرْغِيبِهِمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30571_19696الْإِخْلَاصِ وَتَرْكِ النِّفَاقِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّا لَوْ شَدَّدْنَا التَّكْلِيفَ عَلَى النَّاسِ ، نَحْوَ أَنْ نَأْمُرَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْأَوْطَانِ لَصَعُبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَمَا فَعَلَهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ ، وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ كُفْرُهُمْ وَعِنَادُهُمْ ، فَلَمَّا لَمْ نَفْعَلْ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنَّا عَلَى عِبَادِنَا بَلِ اكْتَفَيْنَا بِتَكْلِيفِهِمْ فِي الْأُمُورِ السَّهْلَةِ ، فَلْيَقْبَلُوهَا بِالْإِخْلَاصِ وَلْيَتْرُكُوا التَّمَرُّدَ وَالْعِنَادَ حَتَّى يَنَالُوا خَيْرَ الدَّارَيْنِ ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ : " أَنُ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوُ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ " بِضَمِّ النُّونِ فِي " أَنْ " وَضَمِّ وَاوِ " أَوْ " وَالسَّبَبُ فِيهِ نَقْلُ ضَمَّةِ " اقْتُلُوا " وَضَمَّةِ " اخْرُجُوا " إِلَيْهِمَا ، وَقَرَأَ
عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّ الْوَاوِ ، وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : وَلَسْتُ أَعْرِفُ لِفَصْلِ
أَبِي عَمْرٍو بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ خَاصِّيَّةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ رِوَايَةً . وَقَالَ غَيْرُهُ : أَمَّا كَسْرُ النُّونِ فَلِأَنَّ الْكَسْرَ هُوَ الْأَصْلُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، وَأَمَّا ضَمُّ الْوَاوِ فَلِأَنَّ الضَّمَّةَ فِي الْوَاوِ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ وَاوَ الضَّمِيرِ . وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ
[ ص: 134 ] عَلَى الضَّمِّ فِي وَاوِ الضَّمِيرِ نَحْوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ ) [ الْبَقَرَةِ : 16 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ ) [ الْبَقَرَةِ : 237 ] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْكِنَايَةُ فِي قَوْلِهِ : ( مَا فَعَلُوهُ ) عَائِدَةٌ إِلَى الْقَتْلِ وَالْخُرُوجِ مَعًا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفِعْلَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ ضُرُوبُهُ ، وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ : ( إِلَّا قَلِيلٌ ) فَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ " قَلِيلًا " بِالنَّصْبِ ، وَكَذَا هُوَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ
الشَّامِ وَمُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَالْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ ، أَمَّا مَنْ نَصَبَ فَقَاسَ النَّفْيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ ، فَإِنَّ قَوْلَكَ : مَا جَاءَنِي أَحَدٌ كَلَامٌ تَامٌّ ، كَمَا أَنَّ قَوْلَكَ : جَاءَنِي الْقَوْمُ كَلَامٌ تَامٌّ فَلَمَّا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مَنْصُوبًا فِي الْإِثْبَاتِ فَكَذَا مَعَ النَّفْيِ ، وَالْجَامِعُ كَوْنُ الْمُسْتَثْنَى فَضْلَةٌ جَاءَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ ، وَأَمَّا مَنْ رَفَعَ فَالسَّبَبُ أَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ فِي ( فَعَلُوهُ ) وَكَذَلِكَ كُلُّ مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْفِيٍّ ، كَقَوْلِكَ : مَا أَتَانِي أَحَدٌ إِلَّا زَيْدٌ ، بِرَفْعِ زَيْدٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ أَحَدٍ ، فَيُحْمَلُ إِعْرَابُ مَا بَعْدَ " إِلَّا " عَلَى مَا قَبْلَهَا . وَكَذَلِكَ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ ، كَقَوْلِكَ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا إِلَّا زَيْدًا ، وَمَا مَرَرْتُ بِأَحَدٍ إِلَّا زَيْدٍ . قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : الرَّفْعُ أَقْيَسُ ، فَإِنَّ مَعْنَى مَا أَتَى أَحَدٌ إِلَّا زَيْدٌ ، وَمَا أَتَانِي إِلَّا زَيْدٌ وَاحِدٌ ، فَكَمَا اتَّفَقُوا فِي قَوْلِهِمْ مَا أَتَانِي إِلَّا زَيْدٌ عَلَى الرَّفْعِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ : مَا أَتَانِي أَحَدٌ إِلَّا زَيْدٌ بِمَنْزِلَتِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ) فِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْمُنَافِقِينَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَتَبَ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسَهُمْ ، وَكَتَبَ عَلَى
الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28842_30571وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا الْقَتْلَ وَالْخُرُوجَ عَنِ الْوَطَنِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ مَا فَعَلَهُ إِلَّا قَلِيلٌ رِيَاءً وَسُمْعَةً ، وَحِينَئِذٍ يَصْعُبُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَنْكَشِفُ كُفْرُهُمْ ، فَإِذَا لَمْ نَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ كَلَّفْنَاهُمْ بِالْأَشْيَاءِ السَّهْلَةِ فَلْيَتْرُكُوا النِّفَاقَ وَلْيَقْبَلُوا الْإِيمَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْلَاصِ ، وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=13719أَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ لَوْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ مَا ذَكَرَ لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ دَخَلَ تَحْتَ هَذَا الْكَلَامِ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ ، وَأَمَّا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=66وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ ) فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمُنَافِقِينَ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ يَكُونَ أَوَّلُ الْآيَةِ عَامًّا وَآخِرُهَا خَاصًّا ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، رُوِيَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ نَاظَرَ يَهُودِيًّا ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّ
مُوسَى أَمَرَنَا بِقَتْلِ أَنْفُسِنَا فَقَبِلْنَا ذَلِكَ ، وَإِنَّ
مُحَمَّدًا يَأْمُرُكُمْ بِالْقِتَالِ فَتَكْرَهُونَهُ ، فَقَالَ : يَا أَنْتَ لَوْ أَنَّ
مُحَمَّدًا أَمَرَنِي بِقَتْلِ نَفْسِي لَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
وَرُوِيَ أَنَّ
ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مِنْ أُمَّتِي رِجَالًا الْإِيمَانُ أَثْبَتُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي " وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : وَاللَّهِ لَوْ أَمَرَنَا رَبُّنَا بِقَتْلِ أَنْفُسِنَا لَفَعَلْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَأْمُرْنَا بِذَلِكَ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13980أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ : لَمَّا دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْهُمْ مَا يَغْلُظُ وَيَثْقُلُ عَلَيْهِمْ ، فَبِأَنْ لَا يُكَلِّفَهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ كَانَ أَوْلَى ، فَيُقَالُ لَهُ : هَذَا لَازِمٌ عَلَيْكَ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمْ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الشَّاقَّةِ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَلَّفَهُمْ بِهَا لَمَا فَعَلُوهَا ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوهَا لَوَقَعُوا فِي الْعَذَابِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى عَلِمَ مِنْ
أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ، وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَفِيدُونَ مِنَ التَّكْلِيفِ إِلَّا الْعِقَابَ الدَّائِمَ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعَالَى كَلَّفَهُمْ ، فَكُلُّ مَا تَجْعَلُهُ جَوَابًا عَنْ هَذَا فَهُوَ جَوَابُنَا عَمَّا ذَكَرْتَ .