الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 149 ] فصل

                                                                                                          ولا يجوز أن يعتكف العبد بلا إذن سيده ، ولا المرأة بلا إذن زوجها ، ( و ) ، لتفويت منافعهما المملوكة لهما ، فإن شرعا في نذر أو نفل بلا إذن فلهما تحليلهما ، وفاقا ، لحديث أبي هريرة { لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير رمضان إلا بإذنه } إسناده جيد ، رواه الخمسة ، وحسنه الترمذي . وضرر الاعتكاف أعظم ، والحج آكد ، وخرج في منتهى الغاية : لا يمنعان من اعتكاف منذور ، كرواية في المرأة في صوم وحج منذورين ، ذكرها في المجرد والتعليق ، ونصرها في غير موضع ، والعبد يصوم النذر ، ويأتي هذا الوجه في الواضح في النفقات ، قال : ويتخرج وجه ثالث : منعهما وتحليلهما من نذر مطلق فقط ، لأنه على التراخي ، كوجه لأصحابنا في صوم وحج منذورين ، قال : ويتخرج وجه رابع : منعهما وتحليلهما إلا من منذور معين قبل النكاح والملك ، كوجه لأصحابنا في سقوط نفقتها ، ويتوجه : إن لزم بالشروع فيه فكالمنذور ، وقاله الأوزاعي ، فعلى الأول إن لم يحللاهما صح وأجزأ ( و ) ، وقال في منتهى الغاية : قال جماعة من أصحابنا منهم ابن البنا : يقع باطلا ، لتحريمه ، كصلاة في مغصوب ، وجزم به في المستوعب ، وكذا في الرعاية ، وذكره نص أحمد في العبد . وإن أذنا لهما ثم أرادا تحليلهما فلهما ذلك إن كان تطوعا ، وإلا فلا ( و ش ) لأنه [ ص: 150 ] عليه السلام أذن لعائشة وحفصة وزينب في الاعتكاف ثم منعهن منه بعد أن دخلن ، ولأن حقهما واجب ، والتطوع لا يلزم بالمشروع ، على ما سبق ، فهي هبة منافع تتجدد ، ولا يلزم منها ما لم يقبض ، على ما يأتي في العارية ، ومذهب ( م ) منع تحليلهما مطلقا ، للزومه بالشروع عنده . ومذهب ( هـ ) له تحليل العبد فيهما لأنه لا يملك بالتمليك ، ويكره لإخلافه الوعد ، ولا يملك تحليل الزوجة فيهما ، لملكها بالتمليك ، ولو رجعا بعد الإذن قبل الشروع جاز ( ع ) ، بخلاف حق الشفعة والقصاص فإنه إسقاط لأمر مضى لا يتجدد ، واختار صاحب المحرر في النذر المطلق الذي يجوز تفريقه كنذر عشرة أيام متفرقة أو متتابعة إذا اختارا فعله متتابعا وأذن لهما في ذلك يجوز له تحليلهما منه عند منتهى كل يوم ، لجواز الخروج له منه إذن ، كالتطوع ، قال : وتعليل أصحابنا يدل عليه ، وهذا متوجه ، وظاهر كلامهم المنع كغيره .

                                                                                                          وفي الرعاية : لهما تحليلهما في غير نذر ، وقيل : في غير وقت معين ، وللشافعية وجهان ، والإذن في عقد النذر إذن في فعله إن نذر زمنا معينا بالإذن ، وإلا فلا ، ( و ش ) لأن زمن الشروع لم يقتضه الإذن السابق وقدم الشيخ منع تحليلهما أيضا ، كالإذن في الشروع .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية