الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا )

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : " قل " يا محمد ، لمشركي قومك القائلين لك : " ما أنزل الله على بشر من شيء " قل : " من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا " يعني : جلاء وضياء من ظلمة الضلالة " وهدى للناس " يقول : بيانا للناس ، يبين لهم به الحق من الباطل فيما أشكل عليهم من أمر دينهم " تجعلونه قراطيس تبدونها " .

فمن قرأ ذلك : ( تجعلونه ) ، جعله خطابا لليهود على ما بينت من تأويل من تأول ذلك كذلك .

ومن قرأه بالياء : ( يجعلونه ) ، فتأويله في قراءته : يجعله أهله قراطيس ، وجرى الكلام في " يبدونها " بذكر " القراطيس " والمراد منه المكتوب في القراطيس ، يراد : يبدون كثيرا مما يكتبون في القراطيس فيظهرونه للناس ، ويخفون كثيرا مما يثبتونه في القراطيس فيسرونه ويكتمونه الناس . [ ص: 527 ]

ومما كانوا يكتمونه إياهم ، ما فيها من أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - ونبوته ، كالذي : -

13545 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا " اليهود .

13546 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة : " قل " يا محمد " من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس يجعلونه قراطيس يبدونها " يعني يهود ، لما أظهروا من التوراة " ويخفون كثيرا " مما أخفوا من ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل عليه ، قال ابن جريج : وقال عبد الله بن كثير : إنه سمع مجاهدا يقول : " يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا " قال : هم يهود ، الذين يبدونها ويخفون كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية