الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 292 ] ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون . ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون . فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يبلس المجرمون قد شرحنا الإبلاس في (الأنعام: 44) .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولم يكن لهم من شركائهم أي: [من] أوثانهم التي عبدوها شفعاء في القيامة وكانوا بشركائهم كافرين يتبرؤون منها وتتبرأ منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يومئذ يتفرقون وذلك بعد الحساب ينصرف قوم إلى الجنة، وقوم إلى النار .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فهم في روضة الروضة: المكان المخضر من الأرض; وإنما خص الروضة، لأنها كانت أعجب الأشياء إلى العرب; قال أبو عبيدة: ليس شيء عند العرب أحسن من الرياض المعشبة ولا أطيب ريحا، قال الأعشى:


                                                                                                                                                                                                                                      ما روضة من رياض الحزن معشبة خضراء جاد عليها مسبل     هطل يوما بأطيب منها نشر رائحة
                                                                                                                                                                                                                                      ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل



                                                                                                                                                                                                                                      قال المفسرون: والمراد بالروضة: رياض الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي معنى " يحبرون " أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 293 ] أحدها: يكرمون، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: ينعمون، قاله مجاهد ، وقتادة . قال الزجاج: والحبرة في اللغة: كل نغمة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : يفرحون، قاله السدي . وقال ابن قتيبة : " يحبرون " : يسرون، والحبرة: السرور .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع : أن الحبر: السماع في الجنة، فإذا أهل الجنة في السماع، لم تبق شجرة إلا وردت، قاله يحيى بن أبي كثير . وسئل يحيى بن معاذ: أي الأصوات أحسن؟ فقال: مزامير أنس، في مقاصير قدس، بألحان تحميد، في رياض تمجيد في مقعد صدق عند مليك مقتدر [القمر: 55] .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فأولئك في العذاب محضرون أي: هم حاضرون العذاب أبدا لا يخفف عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية