الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الركن الخامس ، في صفة التوزيع ، وفيه : نظران :

                                                                                                                النظر الأول : في كيفية الترتب عليهم .

                                                                                                                وفي الجواهر : يبدأ بأقرب العصبة ، ويضرب على كل أحد ما يحتمله حاله ، لا يضر به ، فإن فضل عن الأقربين شيء ترتب إلى الأبعد منهم الأولى فالأولى ; يبدأ بالفخذ ، ثم البطن ، ثم العمارة ، ثم الفصيلة ، ثم القبيلة ، فإن لم يستقلوا استعانوا بأقرب القبائل إليهم ، وقد تقدم في كتاب الوقف تفسير هذه الألفاظ ، [ ص: 395 ] وفي الكتاب : يحمل الغني بقدره ، ومن دونه بقدره على قدر طاقتهم في اليسر ، وكان يؤخذ من أعطيات الناس من كل مائة درهم درهم ونصف ، وإن جنوا الثلث حملته عواقلهم في سنة ، وإن جرحه جرحين خطأ ، وجرحه الآخر جرحا خطأ فمات فأقسمت الورثة ، فالدية على عاقلتها نصفين ، لا الثلث والثلثين ، فإنه لا يدرى من أيهما مات .

                                                                                                                النظر الثاني : في التأجيل

                                                                                                                في الكتاب : يوزع في ثلاث سنين ، كانت إبلا ، أو ذهبا ، أو ورقا في كل سنة ثلث ، وإن كانت أقل من الثلث بقي مال الجاني حالا ، وثلث الدية في سنتين ، وقال مالك مرة نصفها في سنتين ، وعنه : يجتهد فيه الإمام في سنة ونصف ، وسنتين . قال ابن القاسم : في سنتين أحب إلي ، لما جاء أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع ، وثلاثة أرباعها في ثلاث سنين ، وخمسة أسداسها يجتهد الإمام في السدس الباقي ، ودية المسلمين والذمة والمجوس رجالهم ونسائهم تحملها العاقلة في ثلاث سنين وإن صولحت العاقلة بأكثر من الدية جاز إن عجل وإلا امتنع ; لأنه دين بدين ، ويجوز الصلح في العمد بمال مؤجل ; لأنه دم لا مال ، وإن صالح الجاني على العاقلة ، رد صلحه ; لأن الحكم في ذلك لهم ، وفي النكت : قوله : يجتهد في السدس الباقي ، يعني على حساب أربع سنين أو ثلاث ، ويلزمه في ثلاثة الأرباع : أن الثلثين في سنتين ، ويجتهد في الزائد بأن يجعل على حساب ثلاث أو أربع ، وإنما جوابه في الثلاثة أرباع على أحد القولين : [ ص: 396 ] قال اللخمي : على القول بجبر قاتل العمد على الدية ، هي حالة في ماله ، وكذلك التراضي عليها إلا أن يشترط الأجل ، وفي الموازية : هي كدية الخطأ في . قال مالك : والمغلظة على الجاني ، وعنه : على العاقلة ( يبدأ بمال الجاني ، فإن لم يكن مال فالعاقلة ، وقال محمد : على العاقلة ) معجلة . وقال ابن القاسم : عليها منجمة ، ثم رجع فقال : عليه معجلة ، والعمد الذي لا قصاص فيه كقتل المسلم نصرانيا ، على العاقلة على أحد القولين ، وهل تكون منجمة أو حالة كالمغلظة ؟

                                                                                                                وفي الجواهر : يحسب الحول من يوم الحكم ، قال العراقي في تعليقه : قال الأبهري : من يوم القتل ، وقاله ( ش ) ، وبالأول قال ( ح ) كالعنين ، ( ووافقنا ( ش ) في التنجيم في ثلاث سنين ) وقال ( ح ) : إلى العطاء . لنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بها في ثلاث سنين ، وقاله عمر ، وعثمان ، وعلي رضي الله عنهم من غير مخالف ، وقال ( ش ) : يحمل الغني نصف دينار ( والمتوسط ربع دينار ، ولأن الشرع أوجب على الغني في الزكاة نصف دينار ) ويناسب أن المتوسط نصفه ، وقال ( ح ) : من ثلاثة إلى أربعة ; لأن هذا هو الذي لا يجب لنا على عدم التحديد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحددها وكذلك أصحابه بعده رضي الله عنهم .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية