الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل

                                                                                                          من نذر اعتكافا معينا متتابعا ليلا أو نهارا مطلقا ، أو شرط تتابعه ، أو نواه في يومين أو ليلتين أو أكثر ، أو أطلق وقلنا يجب تتابعه في وجه كما يأتي لزمه ما بينهما من يوم وليلة فقط ، نص عليه ( و ش ) لأن اليوم اسم لبياض النهار ، والليلة اسم لسواد الليل ، والتثنية [ ص: 169 ] والجمع تكرار الواحد ، وإنما يدخل ما تخلله من الأيام أو الليالي تبعا للزوم التتابع ضمنا ، وخرج ابن عقيل : لا يلزمه ما تخلله ، لأن لفظه لم يتناوله ، واختاره أبو حكيم وخرجه من اعتكاف يوم لا يلزمه معه ليلة ، وهو الأصح للشافعية ، وحكي لنا قول : لا يلزمه ليلا ، ومذهب ( هـ م ) يلزمه بعدد ما لفظ به ، لأن ذكر العدد من أحد جنسي الأيام والليالي عبارة عنهما مع الإطلاق ، لقوله تعالى { آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } وقال : { ثلاثة أيام } وأجيب بأن الله نص عليهما ، كما يعمل بالنية في اللزوم وعدمه ( و ) .

                                                                                                          ومن نذر أن يعتكف يوما معينا أو مطلقا دخل معتكفه قبل فجره الثاني وخرج بعد غروب شمسه ( و هـ ش ) لأنه اسم اليوم ، قاله الخليل ، ولا تلزمه الليلة التي قبله ( م ) لأن الليلة ليست من اليوم ، وحكى ابن أبي موسى رواية : يدخل معتكفه قبل وقت صلاة الفجر ، وكذا عند مالك إن نذر أن يعتكف ليلة لزمته بيومها . وتلزمه عندنا الليلة فقط ، فيدخل قبل الغروب ، ويخرج بعد فجرها الثاني ( و ش ) وإن اعتبرنا الصوم لم يلزمه شيء ( و هـ ) . ومن نذر اعتكاف يوم لم يجز تفريقه بساعات من الأيام ( و هـ م ) لأنه يفهم منه التتابع ، كقوله : متتابعا . وللشافعية وجهان ، وإن قال في وسط النهار : لله علي أن أعتكف يوما من وقتي هذا لزمه من ذلك الوقت إلى مثله ، لتعيينه ذلك بنذره . وفي دخول الليل الخلاف السابق . واختار الآجري إن نذر اعتكاف يوم فمن الوقت إلى مثله . وإن نذر اعتكاف شهر بعينه دخل معتكفه قبل غروب الشمس [ ص: 170 ] من أول ليلة منه وخرج بعد غروب الشمس من آخره ، نص عليه ( و ) وعنه : أو يدخل قبل فجرها الثاني ، روي عن الليث وأبي يوسف وزفر . وإن نذر عشرا معينا دخل قبل ليلته الأولى ( و ) وعنه : أو قبل فجرها الثاني ، وعنه : أو بعد صلاته ، ومن أراد أن يعتكف العشر الأخير تطوعا دخل قبل ليلته الأولى ، نص عليه ، لرؤياه عليه السلام ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين ، في حديث أبي سعيد ، وحض أصحابه رضي الله عنهم على اعتكاف العشر ، وليلته الأولى كغيرها وهو عدد مؤنث وعنه : بعد صلاة الفجر أول يوم منه ، وقاله الأوزاعي والليث وإسحاق وابن المنذر ، لقول عائشة { : كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه } ، متفق عليه ، وحمله صاحب المحرر على الجواز .

                                                                                                          وقال القاضي : يحتمل أنه كان يفعل ذلك في يوم العشرين ليستظهر ببياض يوم زيادة قبل دخول العشر ، قال : ونقل هذا عنه ، ثم ذكره من حديث عمرة عن عائشة ، ولم أجده في الكتب المشهورة .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية