الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              552- ومنهم المستأنس بالحق المستوحش من الخلق ، اسمه خفي ، وحاله علوي .

              حدثنا عثمان بن محمد العثماني قال : سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد يقول ثنا عبيد البسري قال : " سألت رجلا بالكام : ما الذي أجلسك في هذا الموضع ؟ قال : وما سؤالك عن شيء إن طلبته لم تدركه وإن لحقته لم تقع عليه ؟ قلت : تخبرني ما هو ؟ قال : علمي بأن مجالسة الله تستغرق نعيم الجنان كلها ، قلت : بم ؟ قال : أواه ، قد كنت أظن أن نفسي ظفرت ، ومن الخلق هربت ، فإذا أنا كذاب في مقامي لو كنت محبا لله صادقا ما اطلع علي أحد ، فقلت : أما علمت أن المحبين خلفاء الله في أرضه مستأنسون بخلقه يبعثهم على طاعته ، قال : فصاح بي صيحة وقال : يا مخدوع ، لو شممت رائحة الحب وعاين قلبك ما وراء ذلك من القرب ، ما احتجت أن ترى فوق ما رأيت ، ثم قال : يا سماء ، ويا أرض اشهدا علي أنه ما خطر على قلبي ذكر الجنة والنار قط ، إن كنت صادقا فأمتني ، فوالله ما سمعت له كلاما بعدها وخفت أن يسبق إلي الظن من الناس في قتله فتركته ومضيت فبينا أنا على ذلك إذا أنا بجماعة فقالوا : ما فعل الفتى ؟ فكنيت عن ذلك ، فقالوا : ارجع فإن الله قد قبضه فصليت معهم عليه فقلت لهم : من هذا الرجل ؟ ومن أنتم ؟ قالوا : ويحك هذا رجل به كان يمطر المطر ، قلبه على قلب إبراهيم الخليل عليه السلام ، أما رأيته يخبر عن نفسه أن ذكر الجنة والنار ما خطر على قلبه قط ؟ [ ص: 168 ] فهل كان أحد هكذا إلا إبراهيم الخليل عليه السلام ؟ قلت : فمن أنتم ؟ قالوا : نحن السبعة المخصوصون من الأبدال . قلت : علموني شيئا قالوا : لا تحب أن تعرف ولا تحب أن يعرف أنك ممن لا يحب أن يعرف " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية