الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 266 ] باب البيع الفاسد

وهو يفيد الملك بالقبض
، ولكل واحد من المتعاقدين فسخه ، ويشترط قيام المبيع حالة الفسخ ، فإن باعه أو أعتقه أو وهبه بعد القبض جاز ، وعليه قيمته يوم قبضه إن كان من ذوات القيم ، أو مثله إن كان مثليا ، والباطل لا يفيد الملك ويكون أمانة في يده ( سم ) ، وبيع الميتة والدم والخمر والخنزير والحر وأم الولد والمدبر والجمع بين حر وعبد ( سم ) وميتة وذكية ( سم ) باطل ، وبيع المكاتب باطل إلا أن يجيزه فيجوز ، وبيع السمك والطير قبل صيدهما ، والآبق والحمل والنتاج واللبن في الضرع ، والصوف على الظهر ، واللحم في الشاة ، وجذع في سقف ، وثوب من ثوبين فاسد ، وبيع المزابنة والمحاقلة فاسد ، ولو باع عينا على أن يسلمها إلى رأس الشهر فهو فاسد ، وبيع جارية إلا حملها فاسد ولو باعه جارية على أن يستولدها المشتري أو يعتقها أو يستخدمها البائع أو يقرضه المشتري دراهم أو ثوبا على أن يخيطه البائع فهو فاسد ، ولا يجوز بيع النحل إلا مع الكوارات ( م ) ، ولا دود القز إلا مع القز ( م ) ، والبيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إذا جهلا ذلك فاسد ، والبيع إلى الحصاد والقطاف والدياس وقدوم الحاج فاسد ، وإن أسقطا الأجل قبله جاز ( ز ) ، ومن جمع بين عبد ومدبر أو عبد الغير جاز في عبده بحصته ، ويكره البيع عند أذان الجمعة ، وكذا بيع الحاضر للبادي ، وكذا السوم على سوم أخيه ، وكذا النجش ، وتلقي الجلب مكروه ويجوز البيع; ومن ملك صغيرين أو صغيرا وكبيرا أحدهما ذو رحم محرم من الآخر كره له أن يفرق بينهما ، ولا يكره في الكبيرين .

التالي السابق


باب البيع الفاسد

( وهو يفيد الملك بالقبض ) بأمر البائع صريحا أو دلالة كما إذا قبضه في المجلس وسكت حتى يجوز له التصرف فيه إلا الانتفاع ، لما روي " أن عائشة لما أرادت أن تشتري بريرة فأبى مواليها أن يبيعوها إلا بشرط أن يكون الولاء لهم ، فاشترت وشرطت الولاء لهم ثم أعتقتها ، وذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجاز العتق وأبطل الشرط فالنبي - عليه الصلاة والسلام - أجاز العتق مع فساد البيع بالشرط ، ولأن ركن التمليك وهو قوله : بعت واشتريت صدر من أهله هو المكلف المخاطب مضافا إلى محله وهو المال عن ولاية ، إذ الكلام فيهما فينعقد لكونه وسيلة إلى المصالح والفساد لمعنى يجاوره كالبيع وقت النداء ، والنهي لا ينفي الانعقاد بل يقرره لأنه يقتضي تصور المنهي عنه والقدرة عليه ، لأن النهي عما لا يتصور وعن غير المقدور قبيح ، إلا أنه يفيد ملكا خبيثا لمكان النهي .

( و ) لهذا كان . ( لكل واحد من المتعاقدين فسخه ) إزالة للخبث ورفعا للفساد .

[ ص: 267 ] ( ويشترط قيام المبيع حالة الفسخ ) لأن الفسخ بدونه محال .

( فإن باعه أو أعتقه أو وهبه بعد القبض جاز ) لمصادفة هذه التصرفات ملكه ومنع الفسخ ، وكذا كل تصرف لا يفسخ كالتدبير والاستيلاد ، وما يحتمل الفسخ يفسخ كالإجارة ، فإنها تفسخ بالأعذار وهذا عذر ، والرهن يمنع الفسخ فإن عاد الرهن فله الفسخ ، وهذا لأن النقض لرفع حكمه حق للشرع ، وهذه التصرفات تعلق بها حق العبد وأنه مقدم لما عرف .

( وعليه قيمته يوم قبضه إن كان من ذوات القيم أو مثله إن كان مثليا ) لأنه كالغصب من حيث إنه منهي عن قبضه ، ولما كان هذا العقد ضعيفا لمجاورته المفسد توقف إفادة الملك على القبض كالهبة .

قال : ( والباطل لا يفيد الملك ) لأن الباطل هو الخالي عن العوض والفائدة .

( ويكون أمانة في يده ) يهلك بغير شيء ، وهذا عند أبي حنيفة وعندهما يهلك بالقيمة لأن البائع ما رضي بقبضه مجانا ، وله أنه لما باع بما ليس بمال وأمره بقبضه فقد رضي بقبضه بغير بدل مالي فلا يضمن كالمودع .

قال : ( وبيع الميتة والدم والخمر والخنزير والحر وأم الولد والمدبر ، والجمع بين حر وعبد ، وميتة وذكية باطل ) أما الميتة والدم والحر فلأنها ليست بمال ، والبيع والتمليك مال بمال ، وأما الخمر والخنزير فكذلك لأنهما ليسا بمال في حقنا ، وكذلك أم الولد والمدبر لأنهما استحقا العتق بأمر كائن لا محالة فأشبها الحر ، وأما الجمع بين حر وعبد ، وميتة وذكية ؛ فلأن الصفقة واحدة ، والحر والميتة لا يدخلان تحت العقد لعدم المالية ، ومتى بطل في البعض بطل في الكل ، لأن الصفقة غير متجزئة ، وكذا الجمع بين دنين أحدهما خل والآخر خمر ومتروك التسمية كالميتة ، وإذا لم يكن الحر والميتة مالا لا يقابلهما شيء من الثمن ، فيبقى العبد والذكية مجهولة الثمن ، ولأن القبول في الحر والميتة شرط للبيع في العبد والذكية وأنه باطل .

وقال أبو يوسف ومحمد : إن سمى لكل واحد منهما ثمنا جاز في العبد والذكية كالجمع بين أخته وأجنبية في النكاح . قلنا : النكاح لا يبطل بالشروط المفسدة ولا كذلك البيع .

[ ص: 268 ] قال : ( وبيع المكاتب باطل ) لأنه استحق جهة حرية وهو ثبوت يده على نفسه . ( إلا أن يجيزه فيجوز ) لأنه إذا أجازه فكأنه عجز نفسه فيعود قنا فيجوز بيعه .

قال : ( وبيع السمك والطير قبل صيدهما ، والآبق والحمل والنتاج ، واللبن في الضرع ، والصوف على الظهر ، واللحم في الشاة ، وجذع في سقف ، وثوب من ثوبين فاسد ) أما السمك والطير فلعدم الملك ، ولو كان السمك مجتمعا في أجمة إن اجتمع بغير صنعه لا يجوز لعدم الملك ، وإن اجتمع بصنعه إن قدر على أخذه من غير اصطياد جاز لأنه ملكه ويقدر على تسليمه ، وللمشتري خيار الرؤية ، وإن لم يقدر عليه إلا بالاصطياد لا يجوز ، وأما الآبق فلأنه لا يقدر على تسليمه حتى لو عاد الآبق جاز البيع .

وعن محمد أنه لا يجوز ، ولو باعه ممن زعم أنه عنده يجوز كبيع المغصوب من الغاصب وأما الحمل والنتاج فلنهيه - عليه الصلاة والسلام - ; وأما اللبن في الضرع فللجهالة واختلاط المبيع بغيره; وأما الصوف على الظهر فلاختلاط المبيع بغيره ، ولوقوع التنازع في موضع القطع بخلاف القصيل لأنه يمكن قلعه ، وقد نهى - عليه الصلاة والسلام - عن بيع الصوف على ظهر الغنم ، وعن لبن في ضرع ، وسمن في لبن .

وعن أبي يوسف أنه يجوز قياسا على شجر الخلاف . قلنا شجر الخلاف ينبت من أعلاه ، فتكون الزيادة في ملك المشتري ، والصوف ينبت من أسفله فيحدث على ملك البائع فيختلطان; وأما اللحم في الشاة والجذع في السقف فلا يمكن تسليمه إلا بضرر لا يستحق عليه ، وكذلك ذراع من ثوب ، وحلية في سيف ، وإن قلعه وسلمه قبل نقض البيع جاز ، وليس للمشتري الامتناع ، وهذا بخلاف ما إذا باعه ذراعا من كرباس ، وعشرة دراهم من هذه النقرة حيث يجوز لأنه لا ضرر فيه; [ ص: 269 ] وأما ثوب من ثوبين فلجهالة المبيع ، ولو قال على أن يأخذ أيهما شاء جاز لعدم المنازعة .

قال : ( وبيع المزابنة والمحاقلة فاسد ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عنهما .

والمزابنة : بيع الثمر على النخل بتمر على الأرض مثله كيلا حزرا .

والمحاقلة : بيع الحنطة في سنبلها بمثلها من الحنطة كيلا حزرا ، ولأنه بيع الكيلي بجنسه مجازفة فلا يجوز .

قال : ( ولو باع عينا على أن يسلمها إلى رأس الشهر فهو فاسد ) لأن تأجيل الأعيان باطل إذ لا فائدة فيه ، لأن التأجيل شرع في الأثمان ترفها عليه ليتمكن من تحصيله وأنه معدوم في الأعيان فكان شرطا فاسدا .

قال : ( وبيع جارية إلا حملها فاسد ) لأن الحمل بمنزلة طرف الحيوان لاتصاله به خلقة ، ألا ترى أنه يدخل في البيع من غير ذكر فلا يجوز استثناؤه كسائر الأطراف .

( ولو باعه جارية على أن يستولدها المشتري أو يعتقها أو يستخدمها البائع أو يقرضه المشتري دراهم أو ثوبا على أنه يخيطه البائع فهو فاسد ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عن بيع وشرط .

والجملة في ذلك أن البيع بالشرط ثلاثة أنواع : نوع : البيع والشرط جائزان ، وهو كل شرط يقتضيه العقد ويلائمه كما إذا اشترى جارية على أن يستخدمها ، أو طعاما على أن يأكله أو دابة على أن يركبها; ولو اشترى أمة على أن يطأها فهو فاسد لأن فيه نفعا للبائع لأنه يمتنع به الرد بالعيب ، وقالا : لا يفسد لأنه شرط يقتضيه العقد ، وجوابه ما قلنا .

ونوع كلاهما فاسدان ، وهو كل شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ، وفيه منفعة لأحد المتعاقدين ، وهو ما مر من الشروط في هذه المسائل ونحوها ، أو للمعقود عليه إذا كان من أهل الاستحقاق كعتق العبد ، فلو أعتقه انقلب جائزا ، فيجب الثمن عند أبي حنيفة لأنه ينتهي به ، والشيء يتأكد بانتهائه . وعندهما تجب القيمة ، وهو فاسد على حاله لأن به تقرر الشرط الفاسد .

[ ص: 270 ] ونوع : البيع جائز والشرط باطل ، وهو كل شرط لا يقتضيه العقد ، وفيه مضرة لأحدهما ، أو ليس فيه منفعة ولا مضرة لأحد ، أو فيه منفعة لغير المتعاقدين والمبيع كشرط أن لا يبيع المبيع ولا يهبه ، ولا يلبس الثوب ، ولا يركب الدابة ، ولا يأكل الطعام ، ولا يطأ الجارية ، أو على أن يقرض أجنبيا دراهم ، ونحو ذلك ، فإنه يجوز البيع ويبطل الشرط لأنه لا يستحقه أحد فيلغو بخلوه عن الفائدة ، ويبتنى على هذه الأصول مسائل كثيرة تعرف بالتأمل إن شاء الله تعالى .

قال : ( ولا يجوز بيع النحل إلا مع الكوارات ) وقال محمد : يجوز إذا كان مجموعا لأنه حيوان منتفع به مقدور التسليم فيجوز كغيره من الحيوانات ، ولهما أنه لا ينتفع بعينه ولا بجزء من أجزائه فلا يجوز كالزنابير ، ولا اعتبار بما يتولد منه من العسل لأنه معدوم; أما إذا باعها مع الكوارات وفيها عسل يجوز تبعا ، هكذا علله الكرخي في جامعه ، ثم أنكر ذلك وقال : إنما يدخل في البيع بطريق التبع ما هو من حقوق المبيع وأتباعه ، والنحل ليس من حقوق العسل وأتباعه . وجوابه أن يقال : إن الكوارات لما لم يكن لها فائدة بدون النحل جعل النحل من جملة حقوقها تجوزا ، ألا ترى أنه لا يجوز بيع الشرب مقصودا . ويجوز تبعا للأرض لما أنه لا انتفاع بالأرض بدون الشرب ، وأمثاله كثيرة .

قال : ( ولا دود القز إلا مع القز ) وقال محمد : يجوز ، والعلة فيه ما مر من الطرفين في النحل ، وقالا : يجوز بيع بيضه ، والسلم فيه كيلا في حينه ؛ لأنه بزر يتولد منه ما ينتفع به وصار كبزر البطيخ . وقال أبو حنيفة : لا يجوز بيعه لأنه لا ينتفع بعينه ، وكان محمد يضمن من قتل دود القز بناء على جواز بيعه ، ولا يضمنه أبو حنيفة بناء على عدم جوازه .

قال : ( والبيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إذا جهلا ذلك فاسد ) لأن الجهالة مفضية إلى المنازعة ، وإن علما ذاك جاز كالأهلة ، ولو اشترى إلى فطر النصارى وقد [ ص: 271 ] دخلوا في الصوم جاز لأنه معلوم ، وقبل دخولهم لا يجوز لأنه مجهول .

قال : ( والبيع إلى الحصاد والقطاف والدياس وقدوم الحاج فاسد ) للجهالة لأنها تتقدم وتتأخر .

( وإن أسقطا الأجل قبله جاز ) البيع خلافا لزفر ، وقد مر في خيار الشرط . وروى الكرخي عن أصحابنا أن سائر البياعات الفاسدة تنقلب جائزة بحذف المفسد .

قال : ( ومن جمع بين عبد ومدبر أو عبد الغير جاز في عبده بحصته ) والمكاتب وأم الولد كالمدبر لأنها أموال ، ألا ترى أن الغير لو أجاز البيع في عبده جاز ، وكذا لو قضى القاضي بجواز البيع في المدبر وأم الولد ، وكذا لو رضي المكاتب فصار كما إذا باع عبدين فهلك أحدهما قبل القبض فإنه يجوز في الباقي بحصته كذا هذا .

قال : ( ويكره البيع عند أذان الجمعة ) لقوله تعالى : ( وذروا البيع ) .

( وكذا بيع الحاضر للبادي ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يبيع حاضر لباد " وهو أن يجلب البادي السلعة فيأخذها الحاضر ليبيعها بعد وقت بأغلى من السعر الموجود وقت الجلب ، وكراهته لما فيه من الضرر بأهل البلد حتى لو لم يضر لا بأس به لما فيه من نفع البادي من غير تضرر غيره .

( وكذا السوم على سوم أخيه ) قال - عليه الصلاة والسلام - : " لا يستام الرجل على سوم أخيه " وهو أن يرضى المتعاقدان بالبيع ويستقر الثمن بينهما ، ولم يبق إلا العقد فيزيد عليه ويبطل بيعه; أما لو زاد عليه قبل التراضي يجوز ، وهو المعتاد بين الناس في جميع البلاد والأمصار ، وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع حلسا في بيع من يزيد .

[ ص: 272 ] ( وكذا النجش وتلقي الجلب مكروه ) والنجش : أن يزيد في السلعة ولا يريد شراءها ليرغب غيره فيها ، وتلقي الجلب : أن يتلقاهم وهم غير عالمين بالسعر ، أو يلبس عليهم السعر ليشتريه ويبيعه في المصر ، فإن لم يلبس عليهم أو كان ذلك لا يضر أهل المصر لا بأس به ، وقد نهى - عليه الصلاة والسلام - عن تلقي الجلب . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " لا تناجشوا " .

( ويجوز البيع ) في هذه المسائل كلها ، لأن النهي ليس في معنى العقد وشرائطه بل لمعنى خارج فيجوز .

قال : ( ومن ملك صغيرين أو صغيرا وكبيرا أحدهما ذو رحم محرم من الآخر كره له أن يفرق بينهما ) قال - عليه الصلاة والسلام - : " من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته في الجنة " وقال - عليه الصلاة والسلام - : " لا تجمعوا عليهم السبي والتفريق حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية " ولأن الكبير يشفق على الصغير ويربيه ، والصغيران يتآلفان فيتضرران بالتفريق " ووهب - عليه الصلاة والسلام - لعلي أخوين صغيرين ثم سأله عنهما ، فقال : بعت أحدهما ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " بعهما أو ردهما " وفي رواية : " اذهب فاسترده " .

( ولا يكره في الكبيرين ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " حتى يبلغ الغلام أو تحيض الجارية " والنبي - عليه الصلاة والسلام - ، فرق بين مارية وسيرين وكانتا أختين كبيرتين ، فاستولد [ ص: 273 ] مارية ووهب سيرين . فإن لم يكن بينهما محرمية يجوز كابن العم ، لأن النص ورد على خلاف القياس فيقتصر عليه وكذا إذا كانت المحرمية لغير نسب كالمصاهرة والرضاع ، وكذا بين الزوجين لما ذكرنا ، فإن باع الصغير وفرق بينهما جاز خلافا لأبي يوسف في قرابة الولاد ولزفر في الإخوة ، وهو رواية عن أبي يوسف أيضا .

ووجه ما تقدم من حديث علي أمره - عليه الصلاة والسلام - بالرد ، وهو دليل عدم الجواز . وروي " أنه - عليه الصلاة والسلام - رأى في السبايا امرأة والهة فسأل عنها ، فقيل : بيع ولدها ، فأمرهم بالرد " وذلك يدل على عدم الجواز ، وكذلك تعليقه الوعيد بالتفريق في الحديث الأول يدل على حرمة التفريق . ولنا أنه باع ملكه بيعا جامعا شرائط الصحة فيجوز ، والنهي لمعنى خارج عن العقد ، وهو ما يلحق الصبي من الضرر فلا يفسده كالبيع عند النداء فأوجب الكراهة والإثم ، وله أن يدفعه في الدين والجناية ، ويرده بالعيب بعد القبض ، لأن التفريق مكروه وإيفاء الحقوق واجب ، ولا يكره عتق أحدهما ولا كتابته ، لأن نفعه في ذلك أكثر من تضرره بالتفريق فكان أولى .




الخدمات العلمية