الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فضيلة الجمعة .

اعلم أن هذا يوم عظيم عظم الله به الإسلام وخصص به المسلمين .

قال الله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع .

التالي السابق


(فضيلة الجمعة )

أي : يومها (اعلم) وفقك الله تعالى (أن هذا يوم عظيم عظم الله به الإسلام) ، وزينه (وخصص به المسلمين) من هذه الأمة دون غيرهم من الأمم السابقة ، وشرفهم به ، وفضلهم (قال الله تعالى) في كتابه العزيز يا أيها الذين آمنوا (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ، وقوله : إذا نودي للصلاة ؛ أي : أذن لها عند قعود الإمام على المنبر ، ومن يوم الجمعة بيان ، وتفسير لإذا ، وقيل : بمعنى في . وقوله فاسعوا هي القراءة المشهورة المتفق عليها ، وكان عمر - رضي الله عنه - يقرؤها فامضوا إلى ذكر الله ، وينكر على أبي بن كعب قراءته ، وكان يقول : أبي أعلمنا بالمنسوخ . هكذا أخرجه عبد بن حميد ، وغيره .

ورويت كذلك عن ابن مسعود ، كما هو عند الطبراني ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وروي عن ابن عباس أنه قال : فاسعوا ؛ أي : امضوا . أخرجه عبد بن حميد .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي حاتم ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، عن الحسن أنه سئل عن قوله تعالى : فاسعوا إلى ذكر الله قال : ما هو السعي على الأقدام ، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة ، والوقار ، ولكن بالقلوب ، والنية ، والخشوع ، وروي مثله عن قتادة ، كما عند البيهقي في الشعب ، وقال عطاء : السعي الذهاب ، والمشي . أخرجه ابن المنذر .

وأخرج البيهقي في السنن ، عن عبد الله بن الصامت قال : خرجت إلى المسجد يوم الجمعة ، فلقيت أبا ذر ، فبينا أنا أمشي إذا سمعت النداء ، فرفعت في المشي ، فجذبني جذبة ، فقال : أولسنا في سعي ، وقال سعيد بن المسيب في تفسير قوله : ذكر الله ؛ أي : موعظة الإمام . أخرجه ابن أبي شيبة ، أو الخطبة ، أو الصلاة ، أو هما معا ، والأمر بالسعي لها يدل على وجوبها ؛ إذ لا يدل السعي إلا على واجب ، وقوله تعالى : وذروا البيع ؛ أي : اتركوه ، وفي معناه الشراء ، وقال الضحاك : إذا زالت الشمس من يوم الجمعة حرم البيع ، والتجارة حتى تنقضي الصلاة . أخرجه ابن أبي شيبة ، وقال مجاهد : من باع شيئا بعد الزوال من يوم الجمعة فإن بيعه مردود لهذه الآية . أخرجه ابن المنذر .



الخدمات العلمية