الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض أهل البصرة : ( انظروا إلى ثمره ) بفتح " الثاء " و " الميم " .

وقرأه بعض قرأة أهل مكة وعامة قرأة الكوفيين : " إلى ثمره " بضم " الثاء " و " الميم " . [ ص: 579 ]

فكأن من فتح " الثاء " و " الميم " من ذلك وجه معنى الكلام : انظروا إلى ثمر هذه الأشجار التي سمينا من النخل والأعناب والزيتون والرمان إذا أثمر ، وأن " الثمر " جمع " ثمرة " كما " القصب " جمع " قصبة " و " الخشب " جمع " خشبة " .

وكأن من ضم " الثاء " و " الميم " وجه ذلك إلى أنه جمع " ثمار " كما " الحمر " جمع " حمار " و " الجرب " جمع " جراب " وقد :

13671 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد ، عن ابن إدريس ، عن الأعمش ، عن يحيى بن وثاب : أنه كان يقرأ : " إلى ثمره " يقول : هو أصناف المال .

13672 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي حماد قال : حدثنا محمد بن عبيد الله ، عن قيس بن سعد ، عن مجاهد قال : " الثمر " هو المال و " الثمر " ثمر النخل .

وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ : " انظروا إلى ثمره " بضم " الثاء " و " الميم " ؛ لأن الله - جل ثناؤه - وصف أصنافا من المال كما قال يحيى بن وثاب . وكذلك حب الزرع المتراكب ، وقنوان النخل الدانية ، والجنات من الأعناب والزيتون والرمان ، فكان ذلك أنواعا من الثمر ، فجمعت " الثمرة " " ثمرا " ثم جمع " الثمر " " ثمارا " ثم جمع ذلك فقيل : " انظروا إلى ثمره " فكان ذلك جمع " الثمار " و " الثمار " جمع " الثمر " و " إثماره " عقد الثمر .

وأما قوله : " وينعه " فإنه نضجه وبلوغه حين يبلغ . [ ص: 580 ]

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول في " ينعه " إذا فتحت ياؤه ، هو جمع " يانع " كما " التجر " جمع " تاجر " و " الصحب " جمع " صاحب " .

وكان بعض أهل الكوفة ينكر ذلك ، ويرى أنه مصدر من قولهم : " ينع الثمر فهو يينع ينعا " ، ويحكي في مصدره عن العرب لغات ثلاثا : " ينع " و " ينع " و " ينع " وكذلك في " النضج " " النضج " و " النضج " .

وأما في قراءة من قرأ ذلك : " ويانعه " فإنه يعني به : وناضجه وبالغه .

وقد يجوز في مصدره " ينوعا " ومسموع من العرب : " أينعت الثمرة تونع إيناعا " ومن لغة الذين قالوا : " ينع " قول الشاعر :


في قباب عند دسكرة حولها الزيتون قد ينعا

[ ص: 581 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13763 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " وينعه " يعني : إذا نضج .

13674 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه " قال : " ينعه " نضجه .

13675 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : [ ص: 582 ] " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه " أي نضجه .

13676 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " وينعه " قال : نضجه .

13677 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وينعه " يقول : ونضجه .

13678 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال سمعت الضحاك يقول في قوله : " وينعه " قال : يعني نضجه .

13679 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس : " وينعه " قال : نضجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية