الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أسبهدوست بن محمد بن الحسن أبو منصور الديلمي الشاعر ، لقي [ ص: 62 ] أبا عبد الله بن الحجاج وعبد العزيز بن نباتة وغيرهما من الشعراء ، وكان شيعيا فتاب وقال قصيدة في ذلك منها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وإذا سئلت عن اعتقادي قلت ما كانت عليه مذاهب الأبرار     وأقول خير الناس بعد محمد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صديقه وأنيسه في الغار     ثم الثلاثة بعده خير الورى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أكرم بهم من سادة أطهار     هذا اعتقادي والذي أرجو به
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فوزي وعتقي من عذاب النار

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      طاهر بن أحمد بن بابشاذ أبو الحسن المصري النحوي سقط من سطح جامع عمرو بن العاص بمصر فمات من ساعته وذلك في رجب من هذه السنة قال ابن خلكان : كان بمصر إمام عصره في النحو وله المصنفات المفيدة من ذلك " مقدمته " ، و " شرحها " ، و " شرح الجمل " للزجاجى . قال : وكانت وظيفته بمصر أنه لا تكتب الرسائل في ديوان الإنشاء إلا عرضت عليه فيصلح منها ما فيه خلل ثم تنفذ إلى الجهة التي عينت لها ، وكان له على ذلك معلوم وراتب جيد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : فاتفق أنه كان يأكل يوما مع بعض أصحابه طعاما ، فجاءه قط فرموا له شيئا فأخذه وذهب سريعا ثم أقبل فرموا له شيئا أيضا فانطلق به سريعا ثم جاء فرموا له شيئا أيضا فعلموا أنه لا [ ص: 63 ] يأكل هذا كله ، فتتبعوه فإذا هو يذهب به إلى قط آخر أعمى في سطح هناك ، فتعجبوا من ذلك ، فقال الشيخ : يا سبحان الله! هذا حيوان بهيم قد ساق الله إليه رزقه على يد غيره أفلا يرزقني وأنا عبده؟! ثم ترك ما كان له من الراتب وجمع حواشيه ، وأقبل على العبادة والاشتغال والملازمة في غرفة في جامع عمرو بن العاص إلى أن مات ، وقد جمع تعليقة في النحو قريبا من خمسة عشر مجلدا ، فأصحابه كابن بري وغيره ينقلون منها وينتفعون بها ويسمونها " تعليق الغرفة " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن المجمع بن مجيب بن محمد بن معبد بن هزارمرد ، أبو محمد الصريفيني ، ويعرف بابن المعلم ، أحد مشايخ الحديث المسندين المشهورين تفرد عن جماعة من المشايخ لطول عمره ، وهو آخر من حدث بالجعديات عن ابن حبابة عن أبى القاسم البغوي عن علي بن الجعد وهو سماعنا ، ورحل إليه الناس بسببه ، وسمع عليه جماعة من الحفاظ ، منهم الحافظ أبو بكر الخطيب ، وكان ثقة محمود الطريقة صافي الطوية توفي بصريفين ، في جمادى الأولى عن خمس وثمانين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 64 ] حيان بن خلف بن حسين بن حيان بن محمد بن حيان بن وهب بن حيان أبو مروان القرطبى مولى بني أمية صاحب " تاريخ المغرب " في ستين مجلدا ، أثنى عليه الحافظ أبو علي الغساني في فصاحته وصدقه وبلاغته . وقال : وسمعته يقول : التهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة والتعزية بعد ثلاث إغراء بالمصيبة . قال ابن خلكان : توفي في ربيع الأول منها ورآه بعضهم في النوم فسأله عن حاله ، فقال : ما فعل الله بك؟ فقال : غفر لي وأما " التاريخ " فندمت عليه ، ولكن الله بلطفه أقالني وعفا عني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبيد الله بن سعيد بن حاتم أبو نصر السجزي الوائلي نسبة إلى قرية يقال لها وائل ، من قرى سجستان سمع الكثير وجمع وصنف وخرج وأقام بالحرم ، وله كتاب " الإبانة " في الأصول وله يد في الفروع أيضا ، ومن الناس من كان يفضله في الحفظ على الصوري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن علي بن الحسين أبو عبد الله الأنماطي المعروف بابن سكينة ولد سنة تسعين وثلاثمائة ، وكان كثير السماع وكانت وفاته في هذه السنة عن تسع وسبعين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية