الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : ثم تتابع الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مصدق بما جاءه منه ، قد قبله بقبوله ، وتحمل منه ما حمله ، على رضا العباد وسخطهم ، وللنبوة أثقال ومؤنة ، لا يحملها ولا يستضلع بها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله وتوفيقه لما يلقون من الناس ، وما يرد عليهم مما جاءوا به عن الله عز وجل ، فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما أمر الله ، على ما يلقى من قومه من الخلاف والأذى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وآمنت خديجة بنت خويلد ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله ورسوله وصدقت بما جاء [ ص: 59 ] منه ، فخفف الله بذلك عن رسوله ; لا يسمع شيئا يكرهه ; من رد عليه ، وتكذيب له ، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها ، إذا رجع إليها تثبته ، وتخفف عنه ، وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس رضي الله عنها وأرضاها

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وحدثني هشام بن عروة عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب ، لا صخب فيه ، ولا نصب . وهذا الحديث مخرج في " الصحيحين " من حديث هشام : قال : ابن هشام القصب : هاهنا اللؤلؤ المجوف

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر جميع ما أنعم الله به عليه ، وعلى العباد من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال موسى بن عقبة عن الزهري : كانت خديجة أول من آمن بالله وصدق رسوله قبل أن تفرض الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : يعني الصلوات الخمس ليلة الإسراء ، فأما أصل الصلاة فقد وجب [ ص: 60 ] في حياة خديجة رضي الله عنها ، كما سنبينه

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن إسحاق : وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله ، وصدق بما جاء به ، ثم إن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افترضت عليه الصلاة ، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي ، فانفجرت له عين من ماء زمزم ، فتوضأ جبريل ومحمد عليهما السلام ، ثم صلى ركعتين وسجد أربع سجدات ، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أقر الله عينه ، وطابت نفسه ، وجاءه ما يحب من الله ، فأخذ بيد خديجة حتى أتى بها إلى العين ، فتوضأ كما توضأ جبريل ، ثم ركع ركعتين وأربع سجدات ، ثم كان هو وخديجة يصليان سرا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : صلاة جبريل هذه غير الصلاة التي صلاها به عند البيت مرتين ، فبين له أوقات الصلوات الخمس ; أولها وآخرها ; فإن ذلك كان بعد فرضيتها ليلة الإسراء ، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية