الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفاء : ترد على أوجه :

أحدها : أن تكون عاطفة ، فتفيد ثلاثة أمور :

أحدها : الترتيب ، معنويا كان نحو : فوكزه موسى فقضى عليه [ القصص : 15 ] أو ذكريا ، وهو عطف مفصل على مجمل ، نحو : فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه [ البقرة : 36 ] سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة [ النساء : 153 ] . ونادى نوح ربه فقال رب [ هود : 45 ] . الآية وأنكره - أي : الترتيب - الفراء واحتج بقوله : أهلكناها فجاءها بأسنا [ الأعراف : 4 ] .

وأجيب بأن المعنى : أردنا إهلاكها .

ثانيها : التعقيب ، وهو في كل شيء بحسبه ، وبذلك ينفصل عن التراخي في نحو : أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة [ الحج : 63 ] خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة [ المؤمنون : 14 ] .

ثالثها : السببية غالبا ، نحو : فوكزه موسى فقضى عليه [ القصص : 15 ] فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه [ البقرة : 37 ] لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم [ الواقعة : 52 - 54 ] .

وقد تجيء لمجرد الترتيب ، نحو : فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم [ الذاريات : 26 - 27 ] . فأقبلت امرأته في صرة فصكت [ الذاريات : 29 ] . فالزاجرات زجرا فالتاليات [ الصافات : 2 - 3 ] .

الوجه الثاني : أن يكون لمجرد السببية من غير عطف ، نحو : إنا أعطيناك الكوثر فصل [ الكوثر : 1 - 2 ] . إذ لا يعطف الإنشاء على الخبر ، وعكسه .

الثالث : أن تكون رابطة للجواب حيث لا يصلح لأن يكون شرطا :

بأن كان جملة اسمية ، نحو : إن تعذبهم فإنهم عبادك [ المائدة : 118 ] . وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير [ الأنعام : 17 ] .

[ ص: 505 ] أو فعلية فعلها جامد ، نحو : إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين [ الكهف : 39 - 40 ] . ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء [ آل عمران : 28 ] إن تبدوا الصدقات فنعما هي [ البقرة : 271 ] . ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا [ النساء : 38 ] أو إنشائي ، نحو : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني [ آل عمران : 31 ] فإن شهدوا فلا تشهد معهم [ الأنعام : 150 ] .

واجتمعت الاسمية والإنشائية في قوله : إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين [ الملك : 30 ] .

أو ماض لفظا ومعنى ، نحو : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل [ يوسف : 77 ] .

أو مقرون بحرف استقبال ، نحو : من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم [ المائدة : 54 ] وما يفعلوا من خير فلن يكفروه [ آل عمران : 115 ] .

وكما تربط الجواب بشرطه تربط شبه الجواب بشبه الشرط ، نحو : إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين إلى قوله : فبشرهم [ آل عمران : 21 ] .

الوجه الرابع : أن تكون زائدة ، وحمل عليه الزجاج : هذا فليذوقوه [ ص : 57 ] . ورد بأن الخبر : حميم [ ص : 57 ] وما بينهما معترض .

وخرج عليه الفارسي : بل الله فاعبد [ الزمر : 66 ] . وغيره ولما جاءهم كتاب من عند الله إلى قوله : فلما جاءهم ما عرفوا [ البقرة : 89 ] .

الخامس : أن تكون للاستئناف ، وخرج عليه كن فيكون [ البقرة : 117 ] بالرفع .

التالي السابق


الخدمات العلمية