الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين ، وأكثره خمسون سنة ، وعنه : ستون في نساء العرب ، والحامل لا تحيض ،

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وأقل سن تحيض له المرأة ) تمام ( تسع سنين ) في المشهور من المذهب ، قال الترمذي : قالت عائشة : إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ، ورواه القاضي مرفوعا من رواية ابن عمر ، أي : حكمها حكم المرأة ، قال الشافعي : رأيت جدة لها إحدى وعشرين سنة ، وذكر ابن عقيل : أن نساء تهامة يحضن لتسع سنين ، وظاهره أنها إذا رأت الدم لدون تسع سنين فليس بحيض ، وهو كذلك بغير خلاف ، لأنه لم يثبت في الوجود والعادة لأنثى حيض قبل استكمالها ، وأنه لا فرق فيه بين البلاد الحارة والباردة ، وقيل : لا حيض قبل تمام عشر ، وعنه : اثنتا عشرة ، لأنه الزمان الذي يصح فيه بلوغ الغلام ، وهو تقريب ، وقيل : تحديد ، ولانقطاعه غاية ، نص عليه .

                                                                                                                          ( وأكثره خمسون سنة ) قدمه في " المستوعب " و " التلخيص " وصححه في " البلغة " ، واختاره عامة المشايخ ، قاله ابن الزاغوني لقول عائشة : إذا بلغت [ ص: 268 ] المرأة خمسين سنة ، خرجت من حد الحيض ، ذكره أحمد ، وقال أيضا : لن ترى في بطنها ولدا بعد الخمسين ، رواه أبو إسحاق الشالنجي ، وظاهره أنه لا فرق بين نساء العرب وغيرهن لاستوائهن في جميع الأحكام .

                                                                                                                          ( وعنه : ستون في نساء العرب ) وخمسون لغيرهن ، وقاله أهل المدينة ، لأنهن أقوى جبلة ، وعنه : غايته ستون سنة ، جزم بها في " المحرر " و " الوجيز " وقدمها ابن تميم ، واختارها أبو الخطاب في " خلافه " الصغير ، لأن ما قبل ذلك وجد فيه حيض بنقل نساء ثقات ، وعنه : إن تكرر بعد الخمسين فهو حيض ، وإلا فلا ، صححها في " الكافي " لوجوده على ما نقله الزبير بن بكار ، وعنه : مشكوك فيه ، اختارها الخرقي ، فتصوم ، وتصلي ، لأن وجوبها متيقن ، فلا يزول بالشك ، ولا يقربها زوجها إذا انقطع حتى تغتسل ، لاحتمال أن يكون حيضا ، والصوم تقضيه وجوبا على الأصح ، لأنه واجب بيقين فلا يسقط بالشك ، وقد علم أنها إذا رأت دما ( بعد السنين ) أنه ليس بحيض بغير خلاف في المذهب ، لأنه لم يوجد ، وهو بمنزلة الجرح ، قاله أحمد ، وهو دم فساد خلافا للشافعي ، فإنه لا غاية لانقطاعه . فالجواب : أنه قد وصف النساء بالإياس منه لقوله تعالى واللائي يئسن من المحيض [ الطلاق 4 ] ، ولو أمكن أن يكون حيضا لم تيأس أبدا ، ولأنها تعتد بالأشهر .

                                                                                                                          ( والحامل لا تحيض ) في المنصوص وفاقا لأبي حنيفة لما روى أبو سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في سبي أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض رواه أحمد ، وأبو داود من رواية شريك القاضي ، فجعل الحيض [ ص: 269 ] علما على براءة الرحم ، فدل على أنه لا يجتمع معه ، وقال عليه السلام في حق ابن عمر لما طلق زوجته وهي حائض : ليطلقها طاهرا أو حاملا فجعل الحمل علما على عدم الحيض كالطهر ، احتج به أحمد ، وعنه : بلى ، حكاها أبو القاسم التميمي والبيهقي والشيخ تقي الدين ، واختارها قال في " الفروع " : وهي أظهر ، وذكر عبيدة بن الطيب أنه سمع إسحاق ناظر أحمد ، ورجع إلى قوله هذا . رواه الحاكم ، لأنه دم صادف عادة ، فكان حيضا كغيرها ، فعلى الأولى إذا رأت دما فهو دم فساد لا تترك له العبادة ، ولا تمنع زوجها من وطئها ، ويستحب أن تغتسل بعد انقطاعه ، نص عليه ، وفي وجوبه وجهان ، إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فهو نفاس ، ولا تنقص به مدته ، نص عليه ، لأنه دم خرج بسبب الولادة فكان نفاسا ، ولا تترك العبادة من غير علامة على قرب الوضع عملا بالأصل ، فإن تركتها لعلامة فتبين بعده عنها أعادت ما تركته من العبادة الواجبة ، لأنه تبين أنه ليس بحيض ولا نفاس .




                                                                                                                          الخدمات العلمية