الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن إسماعيل ، أبو عبد الله بن الأخضر المحدث ، سمع علي بن شاذان وكان على مذهب الظاهرية ، وكان كثير التلاوة حسن السيرة متقللا من الدنيا قنوعا ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الصليحي المتغلب على اليمن ، أبو الحسن علي بن محمد بن علي الملقب [ ص: 77 ] بالصليحي ، كان أبوه قاضيا باليمن وكان سنيا ، ونشأ هذا فتعلم العلم وبرع في أشياء كثيرة من العلوم ، وكان شيعيا على مذهب القرامطة ، ثم كان يدل بالحجيج مدة خمس عشرة سنة ، وكان قد اشتهر أمره بين الناس أنه سيملك اليمن ، فنجم ببلاد اليمن بعد قتله نجاحا صاحب تهامة ، واستحوذ على بلاد اليمن بكمالها ، في أقصر مدة واستوثق له الملك بها سنة خمس وخمسين وخطب للمستنصر العبيدي صاحب مصر فلما كان في هذا العام خرج إلى الحج في ألفي فارس فاعترضه سعيد بن نجاح بالموسم في نفر يسير فقاتلهم فقتل هو وأخوه واستحوذ سعيد بن نجاح على مملكته وحواصله ، ومن شعر الصليحي هذا قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أنكحت بيض الهند سمر رماحهم فرءوسهم عوض النثار نثار     وكذا العلا لا يستباح نكاحها
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إلا بحيث تطلق الأعمار

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن يوسف بن الشبل ، أبو علي الشاعر البغدادي ، أسند الحديث وله الشعر الرائق فمنه قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لا تظهرن لعاذل أو عاذر     حاليك في السراء والضراء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلرحمة المتوجعين مرارة     في القلب مثل شماتة الأعداء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 78 ] وله أيضا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يفني البخيل بجمع المال مدته     وللحوادث والوراث ما يدع
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كدودة القز ما تبنيه يخنقها     وغيرها بالذي تبنيه ينتفع

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يوسف بن الحسن بن محمد بن الحسن ، أبو القاسم التفكري ، من أهل زنجان ولد سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وتفقه على مذهب الشافعي ، ودرس الفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وكان من أكبر تلامذته ، وكان عابدا ورعا خاشعا ، كثير البكاء عند الذكر مقبلا على العبادة ، وكانت وفاته في هذه السنة وقد قارب الثمانين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية